قالوا: إن الشعب ينسى ما يحدث، والأعوام 86م و94م تشهد على ذلك!! قلت: أنتم مخطئون فالشعب لا ينسى إطلاقا آلامه وأوجاعه وأحزانه، فهو يخزن كل ذلك وعندما تحين الساعة ينفجر، وما يحدث في اليمن الآن هو نتيجة لما حدث بالأمس.
واليوم خرج الشعب ساخطاً رافضاً للواقع المعاش ورافضاً أيضاً أي مبادرة قادمة من الرئيس وأي تنازلات ـ بحسب ما يقول الرئيس/ علي عبدالله صالح.. فالشعب الآن كسر حاجز الخوف وعبر عن رأيه بجرأة وشجاعة، ومع سقوط القتلى والجرحى، زادت شجاعتهم وقوتهم وإصرارهم.. هل تسألنهم لماذا رفض الشعب المبادرة والتنازلات؟!! لأنه أولاً لا يرى أي تنازلات حقيقية تذكر.
طبعاً تذكرون الانتخابات الرئاسية ماذا قال الرئيس في حملته الانتخابية.. هاجم الفساد هجوماً شرساً وقال حرفياً "سأجتث الفساد" ومثلما أجتث الانفصاليين، وأيضاً وعد بأنه سيقضى على البطالة خلال عامين وكان ذلك في 2006م واليوم ومن أجل أن يطفئ النيران ويهدئ الموقف ويدفع الشباب إلى التراجع قام بإعطاء الوعود المسكنة "الوظائف" ليهدئ من ثورة الشارع، السؤال الذي يفرض نفسه.. أين كانت تلك الوظائف منذ 2006م؟ ولماذا الآن بالذات تم إنزال التعيينات والتوظيفات الجديدة؟! هل تعتقدون أن هذا أمر صحيح؟!! عفواً لا أريد الخوض مرة ثانية في مسألة الوظائف والتوظيف ولكن ما أرت أن أوضحه أن المبادرة هي في إطار الإصلاحات ولن نستطيع أن نقول غير ذلك ولكن.. هل الوقت الآن كافٍ للقيام بتلك الإصلاحات؟! و لماذا لم تتم منذ 2006م لن نقول منذ عشرات السنوات التي مضت "..." وهل تعتقدون أن من حكم لعشرات السنين بطريقة معينة يستطيع أن يغير طريقته ليوم وليلة؟!! وسوف أعطيكم مثالاً على ذلك: هل حاول الرئيس وفي ظل الإصلاحات الحقيقة أن يقضي على الفساد وعذراً لا أقول يقضي، لأن مسألة القضاء عليه تماماً مسألة تعجيزية لذا أقول هل حاول الالتفات إلى الوزراء وتنقيتهم؟ هل استمع إلى المطالبات التي تنادي بإقالة وزير الصحة؟!! هذا الوزير الذي عمد على إيذاء أطفالنا بتلك اللقاحات الفاسدة؟!! وماذا فعل للمواطنين "مرضى السكر"!! وهل تطورت المستشفيات؟!! وماذا عن الأرياف، هل التفت إليها؟!! ما هذا إلا الشيء اليسير وما خفي كان أعظم؟!!.
هل حاول أن يقيل الفاسدين ويحيلهم إلى التحقيق والمحاكمة حتى يشعر الشعب أن هناك خطوة حقيقة من أجل اجتثاث الفساد والمفسدين؟!! طبعاً لا يوجد، والمشكلة الكبرى أنه حتى وإن تم إقالة وزراء فاسدين لا يحاكمون ولايحاسبون بل يكرمون بأن يتم وضعهم في مجلس الشورى ـ هذا المجلس الذي يضم الصالح والطالح ـ علماً بأن هناك بالفعل شخصيات لا تستحق بأن تدنس أقدامها في هذا المجلس ولا أعلم لماذا يتم ذلك.
هذه السياسة الغريبة العجيبة وزير فاسد حاكموه، مدير فاسد عاقبوه، محافظ فاسد أحبسوه.. متى يستحق ذلك، والمشكلة والطامة الكبرى أنه في ظل الفساد الهائل والمستشري يقال: لابد من الحوار أي حوار في ظل هذا الفساد؟!.
ويقولون إن الديمقراطية هي مبدأنا، لا أدري عن أي ديمقراطية يتحدثون!! فأنا دائماً أقول بأن الديمقراطية في بلادنا غير موجودة إطلاقاً وإن كانت موجودة حسبما يقولون فأنا أرى أنها الآن وفي ظل الظروف الراهنة أثبتت فشلها الذريع لأن الديمقراطية لم تمنح المواطنين الحق في التعبير عن مطالبهم.
وعندما خرج المواطنون إلى الشارع تم مواجهتهم بالعنف والقمع، حتى على مستوى الانتخابات فلا توجد ديمقراطية على هذا المستوى إطلاقاً، وعلى ذلك الانتخابات، من ضمن مبادرة الرئيس إنه لن يترشح في عام 2013م ويعود ويقول لن أغادر السلطة إلا عبر صناديق الاقتراع!!، وهذا تناقض واضح، ومن يدقق في الحديث جيداً سيجد أن الرئيس متمسك بالسلطة ومصمم على الاستمرار في دورة قادمة وهذا يتجلي جيداً من خلال كلماته التالية "الجيش سيحمي السلطة حتى آخر قطرة دم" وهذا دليل قوى على التمسك والتشبث بالكرسي وعليه: تنعدم المصداقية المتعلقة بهذا الخصوص.
أما فيما يتعلق بالتوريث فهذه المسألة إذا نظرنا إليها فهي موجودة في الأنظمة العربية بشكل عام فالرئيس يمهد الطريق لأحد أبنائه.. فإذا لاحظتم في سوريا.. الابن خلف أباه، في لبنان ليس على مستوى الرئاسة وإنما على مستوى رئاسة الوزراء الإبن حل محل أبيه وكان الرئيس الأسبق حتى مبارك قد مهد الطريق لابنه وكذا الرئيس الليبي.
وهكذا فلا عجب أن يسير هذا النظام في بلادنا؟! فهو تقليد أي أن كل حاكم يقلد الحاكم الآخر في ذلك أو قد يكون ذلك سري في عدة دول فلن يطبق في اليمن، علماً بأن ثورة شباب مصر العظيمة قضت على التوريث في الوطن العربي بشكل كامل، وبما أن اليمن جزء لا يتجزأ من الأمة العربية فلن يقبل بالتوريث فاليمن لم يعد كما كان بالتأكيد!!.
كروان عبد الهادي الشرجبي
هل ينسى الشعب ما يحدث؟ 1826