يحكى أن ثعلباً رأى غراباً فوق الشجرة وفي فمه قطعة جبن فقال له الثعلب: لماذا لا تغني لنا أيها الغريب، فصوتك من أجمل الأصوات؟
فوضع الغراب الجبنة تحت جناحيه وشتم الثعلب قائلاً: أتحسبني ذاك الغراب الغبي الذي في كتاب القراءة يا ابن [......]، فرد الثعلب على الفور بالقول لست كذلك، وأنا أيضاً لست الثعلب الذي في كتاب القراءة.
فقال من أنت ؟ رد الثعلب أنا ثعلب أحب الغناء والطرب ومن عشاق قناة وناسة وراشد الماجد وعبدالمجيد عبدالله صدقه الغراب وغنى له ورقص الثعلب وراح يصفق للغراب، فاشتد حماس الغراب فقال له الثعلب، لماذا تكتفي بالغناء ولا ترقص وتصفق فراح يرقص ويصفق، فسقطت قطعة الجبن، فهرع إليها الثعلب وأخذها فقال للغراب أنا الثعلب الذي في كتاب القراءة الجديد "المنهج المطور".
أعجبتني كثيراً هذه القصة لما لها من تشابه كثير في الأحداث الجارية على الساحة العربية بشكل عام، فكل شيء في تطور حتى القصص التي عرفناها منذ الطفولة تغيرت لتحاكي التطورات الجارية في العالم وتتماشى مع نغماته، ونحن في اليمن لازال الحزب الحاكم يتعامل معنا بأسلوب الخطابات والوعود التي فقدت مصداقيتها، فمثلاً هذه المبادرة الأخيرة التي أطلقها الرئيس لماذا لم تقدم من البداية بدلاً من نصب الخيام في ميدان التحرير وبدلاً من إطلاق البلاطجة على المعتصمين واستخدام العنف والقوة والقتل على المتظاهرين العزل، اعذروني بالفعل أنا في حيرة من أمري قبل يوم واحد من إطلاق المبادرة يتم الاعتداء على المعتصمين في ساحة التغيير بالرصاص الحي ويخلف هذا الاعتداء "70" جريحاً تم يقال بأن هذه المبادرة ليست للمعارضة وإنما للشباب الذين هم عماد الأمة!! ما هذا التناقض الرهيب بالأمس يضربوهم بالأعيرة النارية بمحاولة قتلهم والتخلص منهم؟، واليوم هم الأساس في بناء هذه الدولة!!.
الا يثير هذا الأمر الاستغراب، قال لي احدهم لا حظي اعتداء الحزب الحاكم على المعتصمين قبل المبادرة بيوم لينشر بينهم الخوف والرعب وحتى يوافقون على المبادرة بدافع الخوف من القتل!!
بدا لي الكلام غريباً في البداية ولكن وجدت فيه نوعاً من الصحة، فهو توقيت مخطط له وإلا ماذا نسمي هذا الاعتداء الغير مبرر والغير معروفة أسبابه؟!..
عموماً إن الخطابات والمبادرات لا جدوى منها إطلاقاً في الوقت الراهن، فسبق وأن قلنا أن عجلة التغيير تحركت ولن تتوقف، فالمجتمع لازال يرزح تحت وطأة الظلم والطغيان والاستبداد ولازالت موجودة كل الأسباب المحفزة للمطالبة بالتغيير وإسقاط النظام، فنحن في اليمن أكثر من غيرنا في مجال الفساد المالي والسياسي والإداري وارتفاع نسبة البطالة وانهيار القيم والمبادئ ومع ذلك لم يتم تغيير يذكر غير خطابات ووعود زائفة الغرض منها تهدئة الأوضاع وامتصاص الغضب الشعبي المتزايد، فقد تعود الشعب على تلك الوعود المملؤة بالآمال ولكنها لا تسفر شيئاً على أرض المواقع، فهل يستطع أحدكم أن يعرف لماذا تحدث الرئيس الآن وفي ظل هذه الأوضاع، مطالباً الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تحريك ما اسماه الملفات المجمدة للفاسدين سواء كانوا وزراء حاليين أو سابقين أو رؤساء مؤسسات وهيئات ومصالح حكومية؟!!..
ليس رغبة في القضاء على الفساد ولكن لأن الحزب الحاكم رأى أن المطالب الرئيسة هي القضاء على الفساد والمفسدين، لذلك أتخذ تلك الخطوة علماً بأنه على علم منذ البداية أن هناك ملفات مجمدة واليوم يطلب تحريكها؟!، هل ستحرك طبعا،ً فالمثل "يقول لو كان في شمس كان في أمس"، فكل ما يقال وعود زائفة ولن يصدقها الشعب إلا حين يتم إخضاع كبار قادة الفساد لمحكمة الأموال العامة أو حتى يتم إقالة الوزراء الفاسدين الذين على رأس السلطة كوزير الصحة، حينها فقط سيتأكد الشعب بأن هناك إجراءات حقيقية تتخذ من أجل التغيير.
كروان عبد الهادي الشرجبي
خطابات ممنهجة بشكل جديد 2134