تابعت على "قناة اليمن" برنامج "المشهد اليمني" والذي استضاف مجموعة من مثقفينا لمناقشة الأوضاع التي تمر بها اليمن، كنت أتمنى من معدي البرنامج أن يرتفعوا إلى مستوى الحدث وأن يضعوا المواطن في صورة الأحداث التي تعصف بالوطن، ويضعوا تصورات الحلول أمام كل من تهمه مصلحة اليمن، لكن ما أتى به معدو البرنامج للأسف ما هو إلا امتداد للمغالطات التي سئم المواطن من استماعها وترديدها المستمر والتي مفادها أن المعتصمين العزل في كل ميادين التغيير والحرية هم من يعتدون على رجال الأمن والمليشيات بصدورهم المهشمة وأياديهم المطعنة وبعدم مقدرتهم على التنفس وأنهم من يضايقون السكان وأتوا بمجموعة ناقمة وحديث مكرر "صورة طبق الأصل، لو كان لديهم مصداقية لما بقي معتصم واحد في الشارع والمستغرب أن ميدان التحرير تحول إلى مزبلة ولم يتضايق أحد.. وعين الرضى عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساوي.
المثير للسخرية أن مقدم البرنامج أتصل بالمحامية "غناء المقداد" ليأخذ رأيها عن حكم القانون في هؤلاء المعتصمين والذي بينهم الأكاديميون ورجال القانون وشباب الجامعات والمثقفون وشيوخ القبائل وعلماء دين فكان ردها بأنهم أطفال دعوا غائيين ومثيري شغب وكل عبارات الشتم التي يستحي سفيه إطلاقها فما بالك بحقوقيه، ولكن أمام هذه المدعية ينطبق المثل "أجت تكحلها عمتها" وهي من لا تجيد حل قضية اختلاف نسوان على لون فستان فما بالك بقضية وطن، فكفى استخفافاً بما تبقى من مشاهدين يتمنون أن يرتقي إعلامنا إلى مستوى القنوات الفضائية الأخرى التي تحمل هموم الناس ونتقبل الخبر الصادق، الجميع اتفقوا على ضرورة التغيير وأن التصحيح يبتدئ من الأسرة التي أحكمت قبضتها على مقدرات الوطن ومفاصله المدنية والعسكرية واختلفوا في المدة التي يتطلبها هكذا تغيير وأوردوا من خطابات الرئيس ورئيس الوزراء السابق ومن عام 2006م قولهم: إنهم يعرفون جيداً الفاسدين وأعدادهم، هنا يبرز تساءؤول ألا يستطيع من بيده كل سلطات البلد إزاحة الفاسدين ومحاكمتهم؟؟!
ثم إننا على علم بأن القانون والشرع ينصان بأن كل متستر على فاسد فهو مشارك له.
لقد أصبح الإعلام الحكومي هو من يعمل على تهييج المواطن على الدولة من خلال بث الأكاذيب المفضوحة والصور المدبلجة التي تفقدها المصداقية ثم ألا يستجيب الرئيس لمطالب كل شرائح المجتمع بإبعاد ولو بعض الفاسدين والمعروفين، من يسيئون للنظام الجمهوري حتى يمتص غضب الشارع الذي ينادي بتغيير النظام.
من بين ضيوف البرنامج من قال: بأن اليمن هي "علي عبدالله صالح" وأن علي صالح هو اليمن فإذا سقط النظام سقطت اليمن وكأن ما في البلد إلا هذا الولد.
أنا أقول وأعتقد أن هذا هو شعار كل يمني أن اليمن أكبر من كل الشخصيات والأحزاب والقبائل وكلامهم لا يمثل إلا النفاق الوقتي.
سأختصر مقالي في مطالب للرئيس الذي يتغنى بحب اليمن ووحدته.. أطالب الرئيس بتصحيح الأوضاع ومحاربة الفساد والبدء من الإعلام وإزاحة قيادات عليا تسيئ للنظام ولنضال الرئيس على عبدالله صالح نفسه، وأن يعمل على تحسين ظروف المواطن المعيشية وكذا تفكيك مخيمات التحرير ومدينة الثورة ليسهل عودة الحياة الطبيعية إلى كل أنحاء البلد والبدء من أمانة العاصمة وكما قال الجميع: إنه وقت تنازلات وليس وقت مبادرات
عمر علي الدبعي
المشهد اليمني 2446