كنت قد كتبت في المقال الماضي وفي هذه الزاوية أن النظام لم يعد يعنيه دم اليمنيين إثر المجزرة التي شهدتها محافظة الحديدة أمس الأول ومن قبلها عدن ـ لم يعد يعنيه دم اليمنيين في شيء أكانوا من المحافظة البطلة أو الوفية أو الباسلة أو ..... إلخ.
أمس الجمعة عمَد هذا النظام الشيء كعادته بدماء طاهرة زكية لا ذنب لها إلا أنها استنشقت عبق الحرية والكرامة القادم من قاهرة المعز وتونس البوعزيزي وخرجت مستلهمة ذلك الفعل الثوري الخلاق، تنشد حياة كريمة وعدلاً مجتمعياً وحرية بصدور عارية..
وحتى كتابتي هذه الأسطر من مساء أمس كان عدد الشهداء الذين سقطوا في ساحة التغيير قد وصل إلى "45"" شهيداً وأكثر من "200" جريح، معظمهم أصيبوا برصاص حي.. سقط هؤلاء بعد صلاة الجمعة وسط مشهد دامٍ مرعب يتحمل مسؤوليته هذا النظام والسلطة الحاكمة، الذي يدعي كذباً أنه وجه بحماية المعتصمين، حيث كشف عن وجهه القبيح في هذا المشهد الدامي والمجزرة البشعة التي شهدتها ساحة التغيير بصنعاء والتي تعجز اللسان عن الحديث واليد عن الكتابة والعقل عن التعبير، إلا أن دموعنا على فراقكم أيها الشباب الطاهر تكاد تتحول إلى سيول لتجرف كل من تسبب في قتلكم إلى مزبلة التاريخ، ودماؤنا تغلي غضباً إثر ذلك الفعل الإجرامي الذي ارتكبه النظام بحق شباب عزل خرجوا لأداء فعل سلمي لا حامي لهم إلا الله ، وقناعتهم بأن الشعب اليمني العظيم يستحق أن يعيش حياة كريمة ويتمتع بحقوقه كاملة بعيداً عن قانون الغاب والسلب والنهب والاستحواذ والانفلات والقتل والإرهاب، خرجوا ينشدون التغيير بطرق سلمية والتحرر من هذا النظام الذي أصر على التغيير ممزوج بالدم، والذي جعل هذا الشعب أسير الفقر والبطالة والجهل والخوف والقهر والذل والحرمان..
بسقوط "45" شهيداً بصنعاء يقترب عدد الثوار الذين استشهدوا في ساحات التغيير والحرية من المائة منذ انطلاق هذه الثورة السلمية المباركة في الـ"13" من فبراير 2011م.. بهذا العدد المفجع من الشهداء وأكثر منهم بعشرات المرات هم عدد الجرحى يكون النظام قد أنجز من حفر قبره بيده واقترب جداً من حالة السقوط ليتسنى للشباب دفنه إلى الأبد وطي صفحاته الثلاثينية المرعبة..
أقول إن النظام هو المسؤول عن تلك المجزرة وشبيهاتها أياً كان مرتكبها وسواء كان مرتدياً بزة عسكرية أو رقعة بلطجية، فالأمن وحماية المواطنين مسؤولية هذه السلطة الغاشمة وليس مسؤولية أصحاب المنازل المنزعجين من شباب يدافعون عن حقوق شعب بأكمله، هؤلاء المجاورون لمكان الاعتصام جزء منه، إلا إذا كان هؤلاء مرتزقة جاءوا من خارج خارطة الجمهورية اليمنية فلنا حديث آخر.
أقول للسلطة المتهالكة إن هذه الدماء الزكية التي سفكت والأرواح الطاهرة التي أزهقت ستزيدنا إصراراً وصموداً أمام هذه الجرائم، ونعاهد شهدائنا أننا لن نخلف لهم عهداً ولا ذمة وإنا على الدرب ماضين وعلى العهد سائرين وعلى هدف الرحيل صامدين..
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.. الزوال للنظام الفاسد وآلته القاتلة.
مرايا
- إلى كل طفل وزوجة وأخت وأخ وأب وأم.. إلى كل من فقد عزيزاً في هذه الثورة المباركة.. قلوبنا وعقولنا معكم وألستنا تلهج لهم ولكم بالدعاء أن يتقبلهم الله شهداء وأن يلهمكم الصبر والسلوان، وثقوا أنهم عند ربهم يرزقون وأن دمائهم قد روت وسقت شجرة الحرية والكرامة والعدالة والغد المشرق الوضاء.
ـ شكراً لحمود خالد الصوفي ـ محافظ تعز ـ إن ظل عند كلمته التي أدلى بها أمس للجزيرة حول رفضه القاطع لأن يحدث في تعز مثل ما حدث في صنعاء بحق المعتصمين وعدم قبوله لتكرار هذه المجزرة.
ـ شكراً لكل الشرفاء الذين استقالوا وسيستقيلون اليوم وغداً من مناصبهم الحكومية أو من الحزب الحاكم الهالك، وليرحل ويسقط النظام.
إبراهيم مجاهد
فليسقط النظام والخلود للشهداء 2410