هو الواقع:
لا أدري لماذا لم يبادر النظام في بلادنا بعد المجزرة الدامية التي ارتكبت بحق المعتصمين سلمياً الجمعة الماضية؟ وكان لها الوقع الأكبر في نفوس كل المواطنين ، وحتى سمعتها من أحدهم حين قال / من لم تهزه مجزرة الجمعة اعتقد انه لم يبق في قلبه شيئا من الإنسانية ، وهذا ما دعى الكثيرين ممن لازالوا يحملون قليلاً من هذه الإنسانية بأن يقدمون استقالتهم من نظام حاول بكل الطرق الفوضوية القضاء على ثورة الشباب السلمية والتي تطالب بسقوط النظام الذي أضحى وشيكاً في السقوط إلى هاوية مزبلة التاريخ بسبب سوء الخاتمة.
لماذا؟:
بعض الشخصيات الوطنية التي طالما اعتبرناهم رجال حق ويتكلمون بالحق، كنا نتوقع أن يسارعوا إلى تقديم استقالاتهم من الحزب الحاكم ومن وظائفهم التي جعلت النظام يتمادى في ذبح المطالبين بسقوطه وكأن لا كلمة فوق كلمة الطغاة ، بل وتقام المراسيم ويعلن الحداد ، وينشر المطبلون الذين يبررون وجود طرف ثالث قام بالمجزرة وكلنا نعرف منهم؟ ومن أين؟ ومن قام بزرعهم؟ وفي بيوت من؟ وما هي الطريقة التي استخدموها؟، وطبعا أقتل القتيل وأمشي بجنازته ، وكأن الشعب لا يزال هو شعب الجهل وبسهولة يستطيع تصديق كل ما يقوله المبررون لمجازر النظام الفاسد ، والتي اتضحت أولى عواقبها بالأمس باستقالة عدد كبير من ضباط وقادة الجيش وانضمامهم لثورة الشباب ، بعد أن أظهرت التحقيقات التي أجروها مع بعض القتلة خفايا هذا النظام الذي يسعى إلى قتل الشعب وكل من يقول "لا".
ابتهاج رغم مأساة المجزرة:
وبالرغم من ابتهاج الشارع باستقالة الكثير من القادة العسكريين في الجيش والدبلوماسيين والبرلمانيين والإعلاميين وكل الذين قدموا استقالتهم وأعلنوا انضمامهم إلى ثورة الشباب إلا أن آثار المجزرة البشعة التي قام بها النظام ويحاول بكل الطرق أن يوهم الجميع إنه لم ولن يكون قاتل الشعب ، وإنما طرف من المريخ كان ينوي احتلال الأرض ويبدأ باليمن بحكم موقعها الاستراتيجي ، وكتجربة مريرة لمعرفة أسوأ حياة على كوكب الأرض من أجل أن يكتسب أفراد الاحتلال بعض مدارك الحياة التي لا تخطر على بال أحد إن هناك شعباً يعيش في ظلم وقهر واستبداد وتسلط وتفرد وتحويل الملكية العامة إلى ملكية خاصة ، وبالوراثة طبعاً والتداول الوراثي للسلطة وحاشى لله أن يكون هناك قطر عربي كان يتحدث عن التداول السلمي للسلطة وهو يعنيه بالفعل ، وهذا ما سيجعل أغلب الأقطار العربية تبحث عن التحرر من أنظمة الفساد الجاثمة فوق صدورها منذ عقود من الزمن ، ومهما قدم النظام في بلادنا التبريرات الواهية فإن المجزرة الدامية لن تكون سدى ، وليسقط نظام الفساد وتحيا البلاد
استقالة بدموع التماسيح :
لم يكن يتوجب على التمساح الأكبر مدير قناة "عبدالله بن سبأ"، أن يظهر تلك الدموع التي ظهر بها وهو يتحدث عن اليمن ،فلا أدري عن أي يمن كان يتكلم وهو من عمل على تزييف الحقائق بل وظل مدافعاً عن الفساد وكما كنت تحدثت في طرح سابق حول ماقام به مذيعو وموظفو القنوات الحكومية المصرية بعد الثورة ، ولم يكن لهم أي موقف وطني يستحق أن يكون لهم شرف المشاركة فيه ، بل ينتظرون حتى يتأكدوا من بقاء مصالحهم فيتحولون في لحظة من مع إلى ضد أو من ضد إلى مع ،وبالتأكيد لن تقبل توبة موظفو الفضائية اليمنية والذين يسمون أنفسهم إعلام الوطن وهم أسوأ من أن يكون لديهم اسم المتعلم قبل أن يكون إعلامياً.
ولعل ما أتذكره إلى الآن ما لمحته في إحدى المرات عبر شاشة الفضائية بحديث لجنة تقصي الحقائق والتي تم تعيينها من أجل أن تتقصى حقائق المجزرة التي حدثت في محافظة عدن ضد أبناء اليمن ، وكان يتكلم بكل بجاحة وعلو واستكبار ويدافع في مداخلة لأحد المغتربين ويقول له أنت تدرس في المملكة بفضل الرئيس ، أي عقلية هذه يا إخواني لرئيس لجنة تقصي الحقائق ، ولماذا الكبر والغرور في كل مسؤولي الدولة ، ثم أين ذهب صاحب تصفير العداد ، ولكن يبدو أن هناك ثلاثة أنفار أو أربعة من الذين أعتبروا للرئيس أولاً ثم للمؤتمر ثم للحزبية ثم للمشاريع ثم للمصالح ثم لمصالح أبنائهم ومصالح أبناء الأبناء والأحفاد ومن ثم مصالح الجيران والأحباب والأصحاب ، وبعد هذا كله يأتي شيء اسمه اليمن أو الوطن ، وأن كانوا يتذكرون ما تبقى من النشيد الوطني يقولون بالطبع ولا ننسى الولاء لله .
حقائق لا تريد التفسير:
بالأمس القريب وبعد مجزرة الجمعة تغيرت وجهت نظر الكثيرين ، وحتى بعض البرلمانيين وحتى بعض المشائخ وأعضاء الحزب الحاكم وأعضاء اللجنة العامة والنائمة والدائمة وحتى المنتسبين إلى هذا الحزب أنه لم يعد بالعقل والمنطق بقاء هذا النظام.
ولعل العجيب أن تجد بعض المشايخ الذين استلموا الملايين من قبل النظام من أجل الحضور ونشر الفوضى والبلطجة في عدة أماكن في العاصمة ونصب خيام التأييد، قاموا بنصب المبالغ والملايين من قبل النظام الحاكم وبالأمس أعلنوا استقالتهم من الحزب الحاكم ، وهذا كله بسبب أنها وطنية مدفوع الأجر ، ومن فئة الدفع المسبق ، ولهذا تجدهم يتجهون إلى طرف المعارضة في حين أحسوا بخطر وبحقيقة اقتراب سقوط نظام الفساد وهذا لم يحدث في وطننا فحسب بل وفي عدة أقطار عربية ولا يزال يحدث وسيحدث في العديد من الدول العربية
مزيداً من الإصرار والتضحية:
من وجهة نظري هي مسألة وقت فقط حتى يعلن الرئيس تنحيه عن الرئاسة في بلادنا ، ولكن ليعلم الذين لم يستقيلوا إلى الآن ، أنهم سيكونون أول المحاسبين في بقائهم في نظام الفساد وجرائمه التي لم تعد تخفى على أحد، وإلى شباب التغيير من رسموا ملامح الثورة الشامخة بلون الدم ، لكم تحايا الإجلال والإكبار ، فاصبروا وصابروا ورابطوا ، فلكم النصر لا محالة
مرسى القلم :
لا يزال الشعب يريد إسقاط النظام ، ولن يرضى بأي حل على طريقة إقالة حكومة أو تغيير باب الديمة ، لا شيء سوى ، تنحي الرئيس وكفى .
a.mo.h@hotmail.com
على محمد الحزمي
استحالة بقاء نظام الفساد والبلطجة 2161