لقد سدت ثورة الشباب العربي كل الأبواب والنوافذ على المغرضين والمتطاولين، فصبغت تلك الثورات الشبابية الكل بصبغة واحدة وهي صبغة الإنسانية التي اعزها الله بإرسال الرسل الكرام وإنزال الكتب المقدسة المطهرة , فذوبت في بوتقتها كل الفوارق الاجتماعية والسياسية والحزبية والطبقية وقد خيبت تلك الثورات ظنون المستعمرين الذين سال لعابهم النجس مع بداية تلك الثورات الشبابية , فلم يستطيعوا الإفساد في أوساط تلك الثورات مع محاولاتهم الحثيثة والمتتالية لان ثورات اليوم تختلف عن ثورات الأمس , ففشلوا في الإمساك بزمام القيادة كما كانوا من قبل.
لقد سلكت الثورات اليوم مسلكاً جديداً جمعت فيه بين الحقوق والأحلام والتطلعات, الحقوق التي كانت الأمة بالأمس تحلم بها حلماً مع أنها حقوق سهلة المنال وليست من الأحلام المستحيلة.
لقد أيقنت الأمة أنها كانت ترزح تحت سيل من السياسات المتعددة بدءا بسياسة التجهيل التي أصبح الفرد العربي فيها لا يفرق بين الحقوق والأحلام بل أصبح الفرد العربي لا يعتقد أن له حقوقا عن أن يفكر بحقوق إخوانه ولا يعرف إلا الواجبات التي عليه للحكام, وسياسة التجويع التي أصبح فيها المواطن العربي لا يحلم بأكثر من لقمة العيش حتى ولو كانت عبارة عن فتات تشترى بكرامته وعزته .
وسياسة الإفقار التي أصبح فيها المواطن العربي يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل ويبيع نخوته ومبادئه بوظيفة قد لا يسدد مردودها فاتورة الكهرباء المنعدمة أصلا.
لقد استخدمت الأنظمة العربية العميلة مع شعوبها سياسة الاستعباد وهي الأقسى في تاريخ الأنظمة العربية حتى أصبح الفرد العربي يجهل فضل الله عليه إلا من رحم الله ولا ينسى فضل الحاكم عليه , وأصبح يدافع عن الحاكم أكثر من مدافعته عن أمه وأبيه و دينه وعقيدته، فهل بعد هذا الظلم ظلم؟!!
وإذا عدنا إلى ما يدعيه حكام الأنظمة العربية من أن المخابرات الأجنبية وراء تلك الثورات فان تلك الفزاعة التي فطموا عليها لا تنطلي على الشعوب المستيقظة , فان تلك المخابرات لم تستطع اختراق جدران الثورة الشبابية
بدليل تأخر ومماطلة (مجلس الخوف الدولي) و(هيئة الرمم المتخاذلة)في اتخاذ القرارات المدافعة عن حقوق الشعوب العربية , بل تنظر بعين المستعجل إلى الأنظمة العميلة لترى إبادة الشعوب على أيدي قوات تلك الأنظمة الفاشلة ولم تحرك ساكناً، لأنها تعلم أن تلك الثورات لا تخدم مصالح الأعداء , إن ذلك المجلس الذي لا يهمه إلا أمن إسرائيل, يقف اليوم وقفة المتفرج المحايد مع أن الحيادة في هذه المواقف يعني الانحياز إلى الظالم المعتدي والتخلي عن نصرة المظلوم .
إن الثورات الشبابية العربية قد حددت أهدافها واستوعبت رسالتها ويئست من تلك الهيئة وذلك المجلس ولم تركن إليه (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ).. ووثقت في ربها وتوكلت عليه (إن ينصركم الله فلا غالب لكم)، فهي ماضية في صمودها، ثابتة في مواقفها، عازمة على تحقيق العدالة والمساواة بالقضاء على تلك الأنظمة الجبرية الفاسدة لتقيم مكانها خلافة المنهاج الرباني العادل الرحيم الذي يأمن فيه الإنسان أياً كان على دينه وعرضه وماله وينال فيها كل حقوقه.
سلام سالم أبوجاهل
ثورة الشعوب وبوادر الخلافة 1770