لقد طبق حكام الأنظمة العربية في قيادة أوطانهم النظرية "الميكيافلية" التي ذكرها ميكيافلي في كتابه الأمير، الذي ذكر فيه أن الحاكم يجب أن يتمتع بشجاعة الأسد ودهاء الثعلب.. وبالفعل فقد طبق الحاكم العربي تلك النظرية بحذافيرها ونسي أن هناك فرقاً بين القوة والشجاعة, فالقوة قد يمتلكها الجبان أما الشجاعة.. فلا يمتلكها إلا الكرماء الأعزاء الذين يحافظون على شعوبهم ويحترمون الحقوق والحريات والقيم التي تربوا عليها وفطموا عليها.
أما الجبناء إذا تولوا فإنهم لا يفرقون بين الحق والباطل ولا يخدمون إلا مصالحم، حتى ولو كانت على حساب الدين والوطن ويستخدمون الدهاء الثعلبي الذي يقف عند حدود الدجاجة وكيفية الحصول عليها ويستخدمون قوة الثور التي تقف عند حدود حمل المحراث, فقد فتحوا خزائن الوطن للمقربين والمتنفذين ليستخدموهم في إذلال الأمة وليحتموا بهم في صدمات الزمان, كما هو الحال في اليمن فقد استخدمت السلطة المال العام لإذلال الشعب وإضعاف المبادئ وشراء الذمم عندما تقاسم المقربون من الحاكم المؤسسات العسكرية والاقتصادية وميزانيتهما واتخذوها مغنماً وسيفاً يقمعون به الشعب، كما هو حاصل اليوم في ساحات الحرية في كل المحافظات, وكذلك يغرون به بعض الفقراء لاستخدامهم في أعمال التخريب والقتل.
ولكنهم تناسوا أن الشعب لابد أن يتشبع من الظلم يوماً فيتقيأ حرية ويدفع بثورة تحطم كل حواجز الخوف، تهدم كل جدران الصمت، فلا تجدي معها قوة الثيران ولا شجاعة الأسود وترفض كل الإغراءات فلا تنخدع بدهاء الثعالب، لأنها عرفت أن ذلك النظام الذي يحكمها وراء كل الفتن التي تعصف باليمن بدءاً بحروب المناطق الوسطى، فالتناحرات القبلية بالتحريش بين القبائل وإحياء الثارات, ثم الانقلاب على وحدة الوطن في 94م، عندما ضيق الخناق على القادة الجنوبيين حتى أجبرهم على إعلان الانفصال، لأنه يعلم أن الشعب سيقف معه ضد الانفصال ونجح في إقصائهم، فخلى له الجو ليعيش ملكاً على اليمن ومالكاً لثرواته ومكتسباته, مروراً بفتنة الحوثيين في صعدة وانتهاء بصناعة ما يسمى بتنظيم القاعدة, وربما نكتشف يوماً أنه وراء القرصنة في المحيط الهندي وخليج عدن.
سلام سالم أبوجاهل
فشل الحكم الميكيافلي 2005