لقد أصبحت اليوم المبادرات العربية عبارة عن نكتة قديمة تجد فيها رائحة المزايدات والمؤامرات والتنافسات التي لا تمت إلى القضية الراهنة بصلة ولا يتخللها إلا اسم القضية العاري من الحلول .
فقد أصبحت مبادرة دول الخليج التي تقدمت بها إلى اليمن عبارة عن متاهة معقدة وقابلة للتعقيد أيضاً, فهي من منظور سياسي ليست إلا استراحة محارب بالنسبة للرئيس اليمني ونظامه يحاول من خلالها لملمة أوراقه المبعثرة ومحاولة كسب الوقت مع إدراكه أن الوقت عير كاف لاستعادة قواه الفكرية والسياسية ولكنه يحاول جاهدا إطالة الوقت وصناعة قضية اكبر تحتوي قضية إسقاط النظام , وأظن أن فزاعة الحرب الأهلية وتمكن تنظيم القاعدة من بناء جيش سري في خضم تلك الأحداث هي القضية التي يسعى النظام لتسويقها وعرضها على بورصة المبادرات العربية والعالمية وهو بذلك يسعى لاقناع الدول المجاورة والحليفة بأنه النظام الوحيد الذي يجيد اللعب بأوراق العمالة وحماية الجوار .
أما بالنسبة للثورة، فان المبادرة لا تعنيها ولا تمثل لها أي مصلحة ومسألة الاستماع لها والاجتماع ليس إلا إرضاء للأشقاء وسعيا لإخراج البلاد من مستنقع الفساد الذي أغرقه طيلة ثلاثة عقود من الحكم.
فالمبادرة ليست إلا فرصة في زيادة عمر النظام القمعي الفاسد لمواصلة الاستبداد والظلم، فهو يقتل مع مرور كل يوم ويعتقل ويتحكم حتى في أقوات الشعب للتضييق عليهم وأضعاف ثورتهم.
فهل ستعي دول الجوار أن هذا النظام لم يفكر يوما بأمن اليمن ناهيك عن أن يفكر بأمن الخليج؟ أم أنهم معجبون بدهائه وعبقريته التي لا تتعدى الحفاظ على كرسي الحكم؟، لقد جعل من الدستور شماعة يعلق عليها أخطائه وفشله، مدعيا أن التنحي قبل إنتهاء المدة المحددة له يعد خرقا للدستور اليمني !!
ذلك الدستور الذي لم يعد له عند النظام أي احترام، فقد استباح به الدماء المحرمة، فقتل وانتهك الحقوق باسم الدستور واليوم يدعي احترامه . لذلك فإن الدستور هو من يحل للحاكم القتل والقذف والاعتقال والتشريد والنهب , ويحرم على الشعب حتى الأنين من شدة الظلم و الفقر والجهل والعداوات والثارات .
لقد أصبح الدستور اليوم خاصاً للحاكم ولم يعد دستوراً للجمهورية اليمنية .