ما كنا نخشى منه ربما حصل وبدأ وكأنه مسلسل مكسيكي مدبلج، لكن المٌخرج ـ حسب اعتقادي ـ قد غفل عن كثير من اللقطات والمشاهد التي كان ينبغي منه أن يتنبه لها ويدبلجها بحسب المقاس والشكل الإخراجي، لكن يبدو أنها راحت عليه وخيرها في غيرها أو هكذا يقال للاعب كرة القدم الذي تضيع منه فرصة تسجيل هدف في لحظة ما أثناء المباراة ـ هكذا كنت أتحدث مع احد الزملاء المغتربين عبر الفيس بوك شارحا له ظروف وملابسات المشهد الوطني قال لي:أخاف أن تتبدل المعطيات أو بعض الأمور في الساحات العامة اليمنية في مختلف المحافظات خصوصا وقد بدأت ملامح أطراف كثيرة تحاول خطف أو قطف الثمرة، لكنني بددت مخاوفه بقليل من الكلمات وخير الكلام ما قل ودل و لم أقف عند هذا الأمر فحسب وأستعنت بصديق نقابي قديم وكما يحدث في برنامج من سيربح المليون، فشكوت له الأمر بصراحة وعن مخاوف البعض، لكنه لم يكن قريباً مما يجري كما قال: فلم يعر الموضوع أهمية ويعتقد صديقي أن هناك لبساً في الموضوع وفوق هذا طمأنني أكثر، فعدت إلى قواعدي سالما ومستبشرا بالخير الكثير وكأنني قد تغلبت على الهواجس والأفكار السوداء التي لازمتني لعدة ساعات ليس أكثر ولم يراودني شك في نجاح الثورة شاء من شاء وأبى من آبى.
لكن ما أحزنني حقيقة أن الأشقاء قي مصر يحاكمون مبارك وأبناء مبارك وأعوان مبارك ونظام مبارك من وزراء وقيادات الحزب الوطني اللا ديمقراطي ,الفاسدون منهم والملطخة أيديهم بدماء وأموال المصريين، بينما نحن لا زلنا نراوح في ذات المكان نختلف في بداية المشهد ولا ضير في ذلك ويحاول البعض تصعيد الخلافات والقفز على سقف الخلاف والذهاب بعيدا حيث لا موقف ولا وجهة نظر، فالتخاطب بلغة المصالح فقط الآن غير مجدياً في هذه المرحلة تحديداً.
نعم هناك مصالح وهناك توازنات وهناك اعتمالات تطغى على كل شيء في اليمن وجميعنا يؤمن بهذا ولا ننكر ذلك إطلاقاً لكن هذا لا يبرر للطبقة المثقفة الأكثر وعياً ونضجاً أن تتحدث وتلمح مجرد التلميح إلى شخصنة القضية اليمنية وإعادة فرز غير واقعي وغير منطقي وبما لا يخدم القضية المركزية لليمن واليمنيين والسؤال الذي يطرح نفسه الآن وليس غداً.. اليمنيون يستميتون في سبيل ماذا ؟ في سبيل الحرية والكرامة والعزة ,في سبيل المواطنة المتساوية ,في سبيل إعادة رسم شكل ووجه الوطن اليمني ككل، بعيدا عن التقزيم والتصغير والشخصنة والتقليل من حجم وعظمة المشروع الوطني الكبير الذي طالما انتظرناه وبفارغ الصبر كنا ولا زلنا نقول إننا في اليمن لسنا بحاجة لاستبدال فرد بفرد أو حزب بحزب أو فئة بفئة ,نحن بحاجة لإعادة رسم سياسة جديدة لوطن كبير يتسع لكل أبنائه من أقصاه إلى أقصاه بعيدا عن التهميش والإلغاء والإقصاء أو التمترس خلف مشاريع صغيرة غير مجدية ,اليمنيون بصريح العبارة يبحثون عن إقامة حكم عادل شوري تحكم بموجبه الأمة بديلا عن الفرد.
اليمنيون يحلمون بإقامة برلمان حقيقي ممثل لكل فئات الشعب ,برلمان صادق وأمين ونزيه لا يرتزق ولا يقبل الرشوة ولا يزايد على قضايا الوطن والمواطن ولا يقبل ببيع ثروة الوطن تحت أي ظرف أو مسمى كان ,برلمان يمثل امة لا يمثل فردا ولا ينصاع لرغبات الفرد ,كنت أقول في السابق إن كل الحلول بيد البرلمان وكل المبادرات بيد البرلمان وحل كل الإشكاليات في هذا البلد بيد البرلمان، لكن أي برلمان هذا الذي بمقدوره القيام بهذا الدور؟، انه البرلمان الحقيقي غير المزور والمشوه, أما البرلمان الذي ساهم بالوصول بالوطن إلى هذه النقطة وهذا المأزق الخانق فلا نعتقد انه قادر على فعل شيء, لسنا ضد احد ولا نكن لهذا أو ذاك حقدا لكن الحقيقة كما يقال مرة ,لذلك نقول إن شباب الثورة الذين تمسكوا بأهداف الثورة وقدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن لا ينبغي أن نخذلهم أو نقف بعيدين عنهم، لهم حق علينا بالمساهمة في تقديم وإبراز قضيتهم التي بالأصل هي قضيتنا، بل قضية كل اليمنيين من صعدة إلى المهرة ومن عدن إلى حجة، لا فرق بين ابن الشمال وابن الجنوب ولا بين ابن الشرق وابن الغرب كلنا وجدنا في هذا الوطن وكلنا معنيون به وهو ملكا لنا جميعا وليس حكرا على فئة دون فئة، بل لا ينبغي التفكير بحصر أو إغلاق دائرة تقديم الرؤى والأفكار والنقاش والى أخر لحظة، بل المفترض أن تتشكل قناعات لدى الجميع بأهمية امتلاك مشروع وطني حقيقي نتمسك به وندعو إليه ونفاوض عليه ونحدد برنامجا زمنيا لتنفيذه واهم مشروع ينبغي أن يكون نصب أعيننا ـ حسب اعتقادي ـ هو الانتقال إلى النظام البرلمان الحر الذي يكرس لحكم الشعب نفسه بنفسه، بعيدا عن وصاية الفرد أو القبيلة أو الأسرة أو الطائفة أو الفئة أو الجماعة أو تحت أية مسميات أخرى.
نريد نظاما برلمانيا حديثا ونظيفا وفاعلاً لا يقوم على توازنات هشة ومغلوطة,نريد برلمان يتحقق على إثره وبه التمثيل الحقيقي للفرد وحتى للقبيلة وللقرية وللفئة مهما كان حجمها كبيرا كان أو صغيرا وسوف تزول مع هذا النظام الديمقراطي الحقيقي وغير المرتهن لهذا الطرف أو ذاك إن تم الأخذ به كل أشكال التمييز المناطقي أو الفئوي أو الطائفي أو العنصري أو المذهبي أو الطبقي أو القروي أو الخ ..ولن يكون بمقدور احد من الناس مهما عظم نفوذه الحصول على امتيازات خارج إطار القانون لان من يحكم (301) إنسان من عموم مساحة اليمن الكبير ولن يكون للفرد الرئيس أو رئيس الوزراء أو رئيس هذا الحزب أو ذاك التنظيم أو غير ذلك القدرة على التحكم بموارد وثروة وإمكانات البلد وستزول مع الوقت وبسرعة كبيرة جدا مسألة التمايز الطبقي والمناطقي أو الفئوي والتي كانت أصلاً نتاجاً أو متلازمة مع حكم الفرد الأوحد الحاكم بأمر الله والى الأبد وهذه حقيقة ليس بمقدور أحد إنكارها ولحماية الثورة والوطن والمكاسب التي تحققت، يفترض الإنصات لكل الآراء وبدون تحيز سواء كانت هذه الآراء متوافقة مع رأى هذا الطرف أو ذاك أو مختلفة، فهلاك وسقوط صالح لم يكن بقوتكم يا أحزاب اليمن وإنما هلاكه كان بجهله وسوء تدبيره وقلة حيلته واعتماده على عناصر فاسدة في تسيير حكمه فحفر قبره بيده وساهم على زوال حكمه، وبأرخص الأثمان .. وللحديث صلة
abast66@hotmail.com