د
تثور الشعوب لأجل الحرية والتي هي شعار ومفهوم وتجربة، وقبل عاصفة الثورات كانت مؤشرات الحرية في البلدان العربية ضعيفة جداً إن لم تكن معدومة، واليوم المجتمع العربي مليء بصدى دعوة متجددة إلى الحرية وبعض عناصر المجتمع يتعمقون في مفارقات مفهومها، مفارقات تقود حتماً إلى الوعي بمزالق تشخيصها في دولة معينة، وفي نظام معين أو فرد معين.
ولأن "كل ممنوع مرغوب"، فرغبة الشعوب في الحرية تتحدى قمع الممنوع وأنا أعتقد أن المهم ، لا بل الأهم في قضية الحرية هو أن تبقى دائماً "موضوع نقاش"، بوصفها نقاشات المثقفين فقط، فمهما تنوعت صور الحرية، يبقى البحث فيها وسيلة للاحتفاظ بها على رأس جدول الأعمال، لأن الوعي بقضية الحرية هو منبع الحرية ذاتها.
فمن أجل الحرية سالت الدماء وغطت وجه الوطن، فمثلاُ من خرج في سوريا مطالباً فقط ببعض الحرية، هاهو اليوم يطالب بإسقاط النظام الذي لم يحترم مطلبه الشريف وحقه المشروع، بل قابل ذلك بسفك الدماء وقمع التظاهرات السلمية، ليدفع الشعب بأن يرفع السقف إلى أقصاه وسيكون ثمن الحرية هناك مثلما هو هنا باهظاً جداً.
الحرية تجربة والتجربة تحتمل النجاح أو الإخفاق، ولكن المهم هو المحاولة ذاتها وتكرارها عبر التاريخ، فالمحاولة دليل على منبع الحرية والتي في مفهومها تناقض وجدل "فهي توجد حيثما غابت وتغيب حيثما وجدت"، فمن المسؤول عن كشف هذا الجدل؟، هل هو السياسي أم المثقف أم المواطن العادي أم السياسي المثقف؟!
فالحرية لكي تتحقق يجب أن تعقل ولكي تعقل يجب أن تطلق، فهي قد تفنى من الواقع ومن المجتمع، لكنها لا تفنى أبداً بالمرة من التاريخ أو من الفطرة الإنسانية السلمية، التي حتى وإن فقدتها على أرض الواقع، فباستطاعتها دائماً أن تلجأ للخيال والخيال ينخر الواقع يوماً بعد يوم باستمرار وعناد، حتى يأتي على أساسه ويطيح به، فتلج الحرية من جديد وبصخب ليس له مثيل.
* خاطــــرة:
"أعطني حريتي أطلق يداي.. إنني أعطيت ما استبقيت شيئاً"، بعض القيود نجد فيها حريتنا وبعض التحرر يضعنا بين مخالب العبودية والضياع أو ربما يقودنا للموت وبصمت مؤلم، فيا ليت من نطالبهم الرحيل يعقلون ويا ليت من قد رحلوا عنا يرجعون..