إن المستفيدين من بقاء النظام والمتضررين من سقوطه وقيام دولة المؤسسات والعدل والمساواة، يحاولون جاهدين وأد الثورة الشبابية وإطفاء جذوتها وإخماد حماسها, وذلك لأنهم تعودوا العيش على جهود الآخرين، واستثمار الفتن، لبقاء مصالحهم الشخصية.
هم اليوم يريدون تحويل الثورة الشبابية إلى قضية بسيطة، يمكن التحاور عليها وحلها ببساطة، بما يتناسب مع أهوائهم ومصالحهم الشخصية، على حساب المصالح الوطنية, لقد خانوا الله والرسول وخانوا أماناتهم، بخداعهم الرئيس -الذي وثق بهم- زعماً منهم أن بقاءه في السلطة يخدم الوطن ويحافظ على أمنه واستقراره, وخداعهم الشعب، بسياسة تجهيله بحقوقه وهم يجنون اليوم تلك السياسة التجهيلية بالحشود التي نراها في ميدان السبعين, وهم بذلك يزيدون في توتير الأمور وتعقيد المسائل وإراقة الدماء وتدهور الاقتصاد الوطني وفساد الرأي.
لقد أزعجتهم الثورة الشبابية، وأرقت مضاجعهم، وشتت أفكارهم وأفقدتهم السيطرة على أنفسهم حتى أصبحوا كالذي يتخبطه الشيطان من المس، فتراهم يضاعفون جهودهم ويكررون اجتماعاتهم ويبتدعون الوسائل تلو الوسائل، لإفشال الثورة الشبابية، وهم يحاولون شق العصا بين المعتصمين، ليتمكنوا من احتواء الشباب وإفشال ثورتهم, وما تلك المبادرات والحوارات العقيمة إلا محاولة منهم لمحاصرة انتشار الثورة وتمددها وتحويلها إلى قضية بين طرفين أو ثلاثة.
إن الثورة الشبابية المباركة، لم تنطلق من أهواء ولا مصالح شخصية, بل ثورة أمة انطلقت لتحقق أهدافاً وطنية إنسانية سامية، عجز النظام من القيام بها وتحقيقها, وليست قضية شخصية يكمن حلها في تقسيم المناصب وتوزيع السيارات الفارهة والإغراءات المالية، فالثورة لا تقف في وجهها أي مبادرات ولا تعترف بفرض الضمانات والوساطات، التي لا تكون إلا بين طرفي قضية، أما الثورات فلا تقبل الوساطات ولا المبادرات، إلا بعد تصبح أهدافها ومطالبها حقيقة على أرض الواقع.