اليوم هو الأول من مايو، وهذا التاريخ مرتبط بأكثر شريحة اجتماعية في العالم ككل، ويعد هذا اليوم استثنائياً وفارقاً في حياة عمال العالم، في جميع بلاد الله إلا في اليمن وعدد من الدول العربية والإسلامية التي لديها ديكتاتور كما هو حاصل عندنا، ففي ا لوقت الذي يحتفي عمال العالم بهذه المناسبة، ويستعدون للاحتفاء بها مع أسرهم في منطقة جميلة بعيدة عن "دوشة" العمل، أما في اليمن فالموظف والعامل اليمني يكره هذا اليوم لأن ذكراه تأتي لتوغل فيه الجراح والألم وتلزمه للاستماع إلى مطالب أبنائه واحتياجاتهم من شدة حالة الفاقة والعوز التي يعيشونها في ظل هذا النظام وحكومته الرشيدة التي لم تعمل حتى على ترشيد نهب الثروات.
شخصياً أدرك أنه لا معنى لهذا اليوم لعمالنا في اليمن سيما إذا ما عرجنا قليلاً على وضع بعض المنشآت الصناعية وحال عمالها اليوم.. فمثلاً مصنع الغزل والنسيج بعدن موقف وعمالته عاطلة تذوق الأمرين والحسرة على هذه المنشأة كما هو الحال بالنسبة لمصنع الغزل والنسيج بصنعاء الذي تم تحويل ورديات عمله إلى وردية واحدة تعمل فيها ثلاثة أقسام فقط والبقية معطلة، وأصول المصنع تباع وعمالته لازالوا يحلمون بمدينة العمال التي سمعوها من الرئيس الشهيد "إبراهيم الحمدي"، التي تحولت بعد ذلك على مدى ثلاثة عقود إلى وعود بصرف أراضٍ لتتبخر هذه الوعود إلى لا شيء واتحاد العمال كأنه أصيب "بجدري" أفقده بصره وذهب ليتخندق إلى جانب الشرعية التي حرمت العامل من أبسط حقوقه وهو العيش الكريم.
عودة إلى المصانع الموقفة في المحافظات الجنوبية التي ـ قطعاً ـ عمالتها مسرحة وتلتزم برنامج "خليك بالبيت" منذ حرب صيف 94م وعدد منهم بدون رواتب وآخرين قوعدوا قسراً وحرموا من الزيادة والإستراتيجية ليصبح الراتب أشبه بحالات الفقر الاجتماعي التي تصرفها الدولة.. من هذه المصانع والمنشآت على سبيل الذكر لا الحصر "مصنع الطماطم ـ الفيوش ـ ، مؤسسة مواد البناء، مؤسسة النقل البري ـ عمالها بدون رواتب ـ ، مصنع البطاريات ، مصنع الطلاء، مصنع البسكويت، مصنع الأسفنج والامليشن، شركة أحواض السفن ، شركة الملاحة...إلخ".
القائمة طويلة ومعاناة العمال أطول بكثير من قوائم المصانع والمنشآت التي تم تدميرها بعناية من قبل النظام ويسعى إلى تدمير ميناء عدن الذي أصيب عماله بحالة من الأرق المزمن بسبب تهديدات الإدارة باستقدام عمالة من الخارج.
أمام هكذا وضع أعتقد أن القول أو المشاركة في حفل عيد العمال تعد من باب الوقاحة، كما أن الحديث عن إنشاء مدينة عمال وبنك للعمال ومستشفى للعمال وتوزيع شقق مفروشة للعاطلين و....إلخ أكثر وقاحة من الاحتفال بأوجاع أكثر شريحة اجتماعية، وهم العمال الذين بسواعدهم تبنى الأوطان وبتضحياتهم وتعاضدهم تقوم الثورات.
في تونس "سي بوعزيزي" العامل والشهيد الثائر الذي حاول البحث عن لقمة عيش كريمة لم يجدها في ظل نظام ديكتاتوري فاسد حينها أشعل جسده ثورة فأنتفض اتحاد الشغل التونسي ومعه بقية القوى السياسية والمجتمعية وانتصروا بثورة الحرية والكرامة، وكان لاتحاد العمال المصري بقواعده أيضاً نفس الدور، أما في اليمن فاتحاد العمال مشلول تماماً أو ميت، وقيادته لا تتحرك إلا حين تلوح لها الشرعية بعظمة المخصصات لتخرج "منابحة" منافحة عن وجوب حماية شرعية نظام أدمن الرقص على سيمفونية أوجاع وعوز وفقر وآلام العمال الذين يبدو أنهم بحاجة إلى إشعال ثورة داخل اتحادهم الذي تاجر بحقوقهم.. فهبوا يا عمال اليمن إلى الثورة لأنه لم يعد ثمة ما تحتفلون به فمصانعكم موقفة وحقوقكم منهوبة و عيشكم الكريم مسلوب.. حتى فرحتكم قد سرقت منكم من قبل شلة اتحاد لا يجيد سوى التكسب من خلال حقوقكم وهمومكم التي بحت أصواتكم مناداة بها، أما تكريم بعضكم لم يعد يعني شيئا للغالبية، فالمحسوبية والوساطة وذوي القربى، وما ينهب من ميزانية للاحتفال بأوجاعكم يدعوكم للنحيب والصراخ لا للاحتفال، حتى تستعيدوا حقوقكم المشروعة وهذا سيتم حين تلتحقوا بركب ثورة الشباب الذين خرجوا من أوساط الغلابة والمسحوقين والمقهورين ومن أوساط تأبى العيش بذل وتنشد العيش الكريم للجميع.
إبراهيم مجاهد
نحيب العمال في عيدهم 2139