لا أدري لماذا يصرون على ترديد عبارة "علينا التمسك بالنهج الديمقراطي، باعتباره الخيار الوحيد في إطار التوجه السياسي العام للبلاد".
فإذا لفت يميناً أو يساراً، تجد المؤيدين للرئيس، يتشدقون بهذه العبارة، بل إن بعضهم قد ذهب إلى حد القول "أن الديمقراطية الممنوحة للشعب من قبل الرئيس هي التي سمحت للثوار التمادي والتطاول والمطالبة بما هو غير شرعي ودستوري".
هذا الحديث يقال بالفعل من بعض الأفراد المنشقين عن ثورة الشباب.. نعم منشقين، وليسوا أفراداً من الشعب، ولو كانوا كذلك لعرفوا أن الديمقراطية التي يتحدثون عنها لا تطبق ولا توجد إلا في الخطابات والحوارات واللقاءات الإعلامية.
فأي ديمقراطية تلك التي تصادر الكلمة وتمنع وصول الحقيقة إلى المواطن؟، ألم يقولوا يوماً بأن الصحافة حق من حقوق الحرية، وممارستها كقوة دافعة ومؤازرة للنهج الديمقراطي، فبدون الصحافة الحرة، لا يمكن أن ندعي ممارستنا والتزامنا بالنهج الديمقراطي.
أين هي تلك الحرية؟ وأين هي الديمقراطية؟، فالصحفيون في بلادنا يتعرضون للضرب والإهانة ويودعون السجون ويُختطفون وتغلق المكاتب وتتوقف المطابع باسم الحرية والديمقراطية، عذراً.. فالديمقراطية في بلادنا باسمها يسقط الصحفيون شهداء، ألا تعني الديمقراطية أن الشعب مصدر السلطات؟ ألا تعني احترام التعددية واحترام الرأي والرأي الآخر؟ ألا تعني نبذ العنف والتطرف؟.
إن الديمقراطية التي يحتفلون بها في 27 أبريل من كل عام، والتي بفضلها كما يقولون تطاولنا على سلطة لم تفد الشعب بأي شيء، لم تحفظ للمواطنين حقهم في التظاهر والاعتصام بطريقة سلمية، فما رأينا إلا أبشع صور للقتل والتنكيل، فكل يوم يمر، تثبت السلطة حرصها على تطبيق مبدأ الديمقراطية وإرساءه بأسس وأساليب جديدة، فنجدها تارة تنشر بلاطجتها لينقضواعلى المعتصمين في ساحات التغيير والحرية بكافة محافظات الجمهورية، وأخرى تستخدم القنابل الغازية السامة، وفي أرقى أشكال وأساليب الديمقراطية يتم استخدام الرصاص الحي والقناصة للتخلص من المعتصمين.
هذه هي الديمقراطية الحقة والموجودة فعلاً على أرض الواقع، وإلا ماذا تسمون استخدام الدبابات والمدرعات من أجل تفريق معتصمين؟ وماذا تسمون قصف يافع بالأسلحة الثقيلة؟، فالممارسة الديمقراطية كحق دستوري وقانوني، ووسيلة من وسائل المشاركة السياسية والتعبير عن إرادة الفرد وإرادة المجتمع، لا تحقق عن طريق الخطابات، بل بالممارسة الفعلية والشعب اليمني ما خرج إلى الساحات إلا تجسيداً لمبدأ الديمقراطية وليعبر عن رأيه الرافض للظلم والاستبداد.
كروان عبد الهادي الشرجبي
الشعب يصنع حياته 2132