لابد من قول صدق: الثورة فعل شبابي، ليس لأي كان حق الوصاية أو الادعاء والمزايدة باسم هذا التنوع العظيم من مختلف التكوينات الشبابية، التي أبهرت العالم بكونها أثبتت عن جدارة سلميتها ونضج الوعي بها، كحدث لاشك أنه تاريخي بامتياز، كونه تجليات الإنسان اليمني وهو يتوق للانتصار على المعاش المزري، ويحقق إرادته في تصميم مستقبله الذي يريد.. الثورة إذاً فعل إرادة، لا تقبل بالوصاية من أحد ولا تنتمي في محصلتها إلا للإنسان إبداعاً.
الثورة بهذا المعنى إبداع تنجزه هذه الجغرافيا الواحدة من الهموم والآمال والتطلعات، هي لذلك القوة الفاعلة، من تنوعها، من هذه الفسيفساء التي لا تقبل الخربشة ولا تقول بالتدجين، وماذا تعني الثورة إن لم تكن رفضاً للمصادرة والإلغاء والتدجين؟، هي إذاً تناغم مع العصر، مع الدولة المدنية الحديثة، مع الإنسان حرية وعدالة وشراكة وطنية، وهي أيضاً تفتح مع الآخر و إيمان عميق بقيم الحق والخير والجمال، وفق هذا المنحى تغدو ساحات التغيير مساحات حلم بلا حدود، لا يقبل إلا أن يتموضع يصير واقعاً رأي العين، الحلم هنا ليس طوباوياً أو ولوجاً في اللامعقول، إنه فقط تشكل وعي من معانات، وتوق شديد لممكنات أهدرها النظام، والحلم أيضاً هنا هو تذكر لما كان، وإرادة لما ينبغي أن يكون، ضمن هذا السياق الحلم مجازي هنا، وإذ تتداخل مكونات الفعل في السياق التغييري، لتنتج معطى رائعاً بإرادة شبابية، فإنها حينئذ تعبر عن الوحدة في التنوع والتنوع في الوحدة، هذا التداخل العظيم يكسر احتكار الوطنية والمزايدة على الآخرين وقهر الحقيقة.
والحقيقة إن الوطن يريد إسقاط النظام بمحتوياته في الإلغاء للآخر، ويريد القضاء على الفساد واحتكار السلطة ويريد الجميع مواطنة متساوية، على هذا الأساس، الثورة فعل تحرري يهدف إلى التغيير المنهجي المقصود.
هذا التغيير يرفض الدخلاء والانتفاعيين من قوى الثورة المضادة، وما نريد قوله إن ساحات التغيير والوطنيين الشرفاء والمنتمين للحياة جميعهم في ذات المعنى، يريدون دولة مدنية حديثة تنتسب للعصر وترفض قوى الظلم وتمقت كل ما يمت بصلة إلى التخلف، وهي لذلك تنتصر بهذا الاحتشاد الواعي وليس بمن يريد الصدارة تزلفاً ونفاقاً ومزايدة، وهو ما لابد أن يدركه الانتفاعيون، فليس أحد أغلى من الشهداء.
محمد اللوزي
الثورة لا تقبل بالوصاية 2058