حين سُئل الشهيد/ علي عنتر عن كيفية التوحد بين الجنوب والشمال في ظل الاختلاف الثقافي القائم؟ أجاب محاوره الصحافي العربي قائلا: "أية اختلافات وفروقاً ثقافية يمكنها إعاقة الوحدة بين الشمال والجنوب، فنحن نبترع مرة، ونأكل العصيد ونركب الحمير ونمضغ القات مرة"، هكذا وبلغة سهلة وبسيطة، لكنها ذات دلالة وفلسفة مختزلة لكل المفاهيم والمعاني السياسية والفلسفية.
السؤال الماثل اليوم هو هل ما حدث للوحدة كان نتيجة اختلاف ثقافي أم سياسي أم مجتمعي؟، أين المشكلة بالضبط؟، أهي بالمجتمع اليمني المختلف ثقافياً؟، أم هي بقيادة دولة الوحدة المختلفة سياسياً وفكرياً وسلوكياً؟، أهي بالنظام العائلي والجهوي الذي لم يراع طبيعة النظام والناس في الجنوب؟، هل المشكلة سياسية وحول الدولة المدنية الواحدة، أم أن ما جرى للوحدة السياسية والمجتمعية سببه وجوهره حرب 94م؟، أم الوحدة الاندماجية المسلوقة وفق ما يناسب النظامين أم نتاج مجتمع مختلف وغير متجانس اقتصادياً وثقافياً وفكرياً ودينياً وجغرافياً وتاريخياً ونظامياً وسلوكياً؟
دعونا نتحدث بصراحة وشفافية ودون تحفظ، فكلما صدقنا القول والفعل كلما اقتربنا ولامسنا المشكلة، وحين نضع أيدينا على جذر المشكلة حتماً سنصل إلى معالجتها، وعندما نقرر العلاج للحالة، فإنه لا يكون بغير القضاء على الأسباب.
الحاصل أننا انشغلنا كثيراً في النتائج وأهملنا الأسباب، لسنوات ونحن أشبه بمن يحاول جاهداً تقويم ظل العصا بدلاً من تقويم العصا ذاته، وفق تعبير شاعر داغستان رسول حمزاتوف.
السياسي/ محمد أبولحوم -رئيس اللجنة التحضيرية لحزب التغيير والبناء- كان موضوعياً وواقعياً وهو يتحدث عن القضية الجنوبية، كمشكلة وكمسببات وحلول، فلا توجد مشكلة مجتمعية إلا ولها معالجة سياسية أو اقتصادية أو تنموية، نعم أتفق كلياً مع منطق ثوري كهذا الذي يتحدث به أبولحوم، ففك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية نراه اليوم يتوارى ويخفت نتيجة ثورة التغيير.
فبرغم كل ما حدث من إقصاء وتهميش ونفي وإلغاء لشركاء الوحدة، إلا أنه وحين لاحت في الأفق بوادر ثورة شعبية من شأنها تغيير الحالة المشوهة والمختلة كان ولابد من قراءة جديدة للمشهد السياسي، بحيث تراجعت كثير من الرؤى والأفكار الانفصالية ولمصلحة الوحدة التي قتل روحها وجوهرها النظام الحاكم.
فعندما وجد أبناء الجنوب بثمة أمل للتغيير لم يتوانوا لحظة في نصرتها ومؤازرتها وهذا يؤكد حقيقة أن المشكلة لم تكن وليدة الوحدة، وإنما هي نتاج يأس وإحباط ومعاناة من النظام ذاته الذي أجبر الجنوب وأهله على رفض وحدة الضيم والقهر والقتل والقمع و.. و.. و..الخ من الممارسات التي كانت خلف الثورة في الشمال والجنوب على حد سواء.
محمد علي محسن
الوحدة والجنوب وأبولحوم 3117