الخليفة عمر بن الخطاب قدم فاتحاً لبيت المقدس بعد أن استسلمت المدينة لحصار أبي عبيدة بن الجراح، فدخلها عمر بعد إبرام العهد مع أهلها وكان اسمها "إينياء"، فغير المسلمون اسمها إلى بيت المقدس.
وأول ما عمله الخليفة عمر هو أنه صلى ببيت المقدس تحية المسجد، وبعد "عبقرية عمر" جاء صلاح الدين الأيوبي القائد المسلم الذي حرر الأقصى من براثن الصليبية بعد أن بذل جهده في سبيل توحيد إمارات المسلمين في وجه الإمارات الصليبية، فحاصر القدس وأخرجهم منها بعد احتلال دام "91" عاماً.
ثم تأتي نكبة 48م والتي جاءت تتويج للفكرة التي بدأت في العام 1896م من خلال كتاب "الدولة اليهودية" الذي ألفه اليهودي "هرتزل"، ثم دعا إلى المؤتمر الصهيوني العالمي الأول الذي عقد في مدينة "بال" السويسرية.
وهكذا طرحت بريطانيا فكرة منح اليهود وطناً قومياً في شرقي أفريقيا أوغندا،، لكن اليهود رفضوا فكرة أوغندا وأصروا على فلسطين.
وهكذا بعد العديد من الدسائس والخيانات والمؤامرات اُحتلت أرضنا الحبيبة بكل وحشية وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع، ولم يبق لنا شيء سوى التمسك بحلم التحرير والعودة إليها.
ولربما الطريق إلى الغد قد عُبد أخيراً برياح الصحوة التي هبت على الشعوب العربية وعودة مصر بروحها الجديدة، ودورها في هندسة التصالح التاريخي بين "فتح وحماس"، والإسلام قد قدم الرؤية الواضحة لتحرير فلسطين وهو "الجهاد" منطلقاً من معرفته العميقة بنفيسة هؤلاء اليهود.
ومما لاشك فيه أن زعماء اليهود يوقنون أن عودة الصحوة الإسلامية على دول المنطقة كفيلة بالقضاء على الصهيونية واجتثاثها من الأعماق ومما جاء عن "بن غوريون" أحد زعماء الرعيل الأول للحركة الصهيونية المعاصرة قوله: "إننا لا نخشى الأنظمة الاشتراكية ولا الثورية ولا الديمقراطية في المنطقة العربية، نحن فقط نخشى الإسلام هذا المارد الذي نام طويلاً وبدا يتململ من جديد".
واليوم يبدو الطريق إلى القدس واضحاً وجلياً بعد انتفاضة الشعوب العربية، فذلك الطريق يبدأ من ساحات الحرية ومن روح الشباب التي قهرت المستحيل في تونس ومصر، وهاهي الإرادة الحية لا تزال تتحدى جبروت الحاكم العربي وقمعه الوحشي في اليمن وليبيا وسوريا.
فقطار الحرية قد قطع طريقه متقدماً بصوته الهادر نحو كل الشعوب المحتلة والمظلومة والمكبوتة ومن يخاف الحرية بالتأكيد سيفوته القطار.
فإليكِ يا فلسطين.. أشعل الشموع وأصلي وأذرف الدموع شوقاً للعودة إلى أرضك الطاهرة المباركة، لن يغادرنا أبداً حلم التحرير والعودة ونحن على هذه الأرض صامدون قرب هذا الدمار العظيم، في يدنا يلمع الرعب، في يدنا وفي القلب غصن الوفاء النظير.
صامدون هنا باتجاه الجدار الأخير، وحين ينهار آخر جدار في قلعة الاستبداد، سيبزغ فجر الحرية الحمراء التي طالما اشتقنا لها، لا بل قدمت من أجلها قوافل من القرابين لشباب اختاروا الموت، لكنه أبى إلا أن يعيش، وحتى ذلك نحن صامدون هنا من أجل تحرير أنفسنا وتحقيق حلمنا المنشود بتحريــــــر فلسطين العربية.
شيماء صالح باسيد
الطريق إلى القُدس 1983