"الكذَّابُ والدجَّالُ والمتملُقُ، يعيشون على حساب من يصغي إليهم" قول مأثور عن "لافونتين" أجده خير شاهد على واقع نعيشه في هذا البلد العجيب، فهل هنالك مأساة تضاهي مأساة الكذب والدجل والتملق المشاهدة في جُمع ميدان السبعين ؟.
وفق تعبير الكاتب الايرلندي الشهير (جورج برنادشو)، فمأساة الكذَّاب ليست في أن أحداً لا يصدقه، وإنما في أنه لا يصدق أحداً، كذلك هي مأساتنا مع هؤلاء الموالين للرئيس، فبرغم أنهم ما عاد يثقوا أو يصدقوا خطب الرئيس أو أنه يمكنه الوثوق بهم كمؤيدين ومناصرين له إلا أن ذلك لا يحول دون مشاركتهم للكذَّاب جمعته الحاشدة في عقر داره، فيما لسان حالهم يردد: ساير الكذَّاب إلى بيته.
ما نشاهده كل جمعة في ميدان السبعين يعد مهزلة كبيرة أبطالها ثلاثي الكذب والدجل والتملق، مبارك كان رئيساً لثلاثة عقود وعلى شعب تعداده أكثر من ثلاثة أضعاف اليمن ومع ذلك لم يستطع الموالون له سوى حشد ثلاثة ألف مؤيد وليوم واحد فقط انتهى بمهزلة تراجيدية عرفت بواقعة الجمل.
القائد الهمام معمر ألقذافي بالكاد اشترى موالين له بمعاش شهر وبخطبة وحيدة لا يزيد حضورها عن مئات المناصرين ومن ثم اختفى ولم نعد نرى في قناة الجماهيرية غير عشرات المؤيدين المرابطين ليل نهار كأنما هم دروعاً بشرية حول بيت العزيزية.
الرئيس صالح هو الوحيد الذي لا يكترث أبدا وهو يبدد مليارات الريالات على حشوده التي يعرف القاصي والداني أنها لم تأت إلى السبعين نصرة وتأييداً له، فكل هذه الجماهير الغفيرة نعلم جميعاً أنها جاءت بفضل المال السائب الذي ينفقه الرئيس من خزينة الدولة ودونما حسيب أو رقيب، لا أحد من الحكام العرب بمقدوره الصرف العبثي وعلى مهرجانات خادعة ومضللة كهذه التي صارت مهزلة أسبوعية.
في الختام هنالك حكمة هندية مفادها " من يكذب يسرق " نحن للأسف يحكمنا الكذب منذ ثلاثة عقود ونيف، إنها مدة زمنية كفيلة بخلق مليون دجَّال ومتملق وكذاب، فلا تغرنكم حشود السبعين أو توقفكم عن مواصلة المسير في درب الصدق الذي لا يدركه سوى الرجال الصادقون، فالصدق عزُّ والباطل ذلُّ أو كما قال أحد الشعراء :
والصدقُ من كرم الطباع وطالما... جاء الكذوبُ بخجلهِ ووجُوم.
محمد علي محسن
مهزلة السبعين 2466