بطريقة سمجة ومقززة وأكثر سذاجة أراد النظام الحاكم في اليمن أن يوصل رفضه للمبادرة الخليجية بقوة للأشقاء والأصدقاء حين قامت مجاميع مسلحة من أنصار شرعية السبعين بمحاصرة السفارة الإماراتية بصنعاء، بعد انسحاب كافة قوات الحماية من الأمن المركزي وشرطة النجدة من محيط السفارة، لكي يعربوا لمن بداخل السفارة رفضهم للمبادرة الخليجية، وكذا وقوفهم ضد المواطن علي عبدالله صالح في حال قبل التوقيع عليها..
بالتأكيد أن الغرض من حدوث مشهد كهذا يعبر عن نفسية قذرة، وتخبط سياسي لا يسمح به إلا شخص قد أصابه مس واستحوذ عليه الشيطان فبات يتخبط ويعتقد أن ما يقوم به هو الصواب في حال شعر أنه يقوم بشيء من تلك التصرفات التي يخجل منها كل يمني حر لأنها تسيئ لكل أبناء الشعب اليمني رغم أن من قام بها هم حرس النظام الساقط لا محالة.
"قناة العربية" كانت أول قناة نقلت خبر محاصرة وتطويق العناصر المسلحة لسفارة دولة الإمارات الشقيقة ـ رغم متاخمة معسكر الأمن المركزي لمقر السفارة، وقرب حراسة الدار الرئاسي منها إلا أن ذلك لم يَحُل دون محاصرة السفارة ـ فور قرأتي للخبر تخيلت حينها شعور سفراء "الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي" وهم يعيشون هذا الموقف، أجزم أنهم لحظة تطويق مجاميع مدججة بالسلاح للسفارة شعروا أنهم يشاهدوا أحد أفلام "هوليود" التي تحكي إجلاء دبلوماسيين أجانب من سفارة أجنبية في إيران أو باكستان أو أفغانستان أو أحد الدول الأفريقية، واعتقد أن العملية قد تعطي في حد ذاتها المسؤولين في "هوليود" فكرة جديدة لفيلم جديد تضع لمساتها الأخيرة فيه مع نهاية العام الجاري، خاصة وأن العملية لم تنته إلا بمشاركة المروحيات التي حطت داخل السفارة الإماراتية، وما على المخرج للفيلم القادم إلا أن يضيف مشاركة فرق الكمندوز والتي ستتولى مهمة إجلاء الدبلوماسيين من السفارة.
أشعر بالخجل الشديد وأنا أكتب عن محاصرة سفراء دول شقيقة وصديقة داخل سفارة بصنعاء لا تفصلها عن دار الرئاسة سوى أمتار، وهذا الأمر يوحي بأن عملية المحاصرة تمت بأوامر من هذا الدار.. من هذا المشهد أدعو سعادة السفراء الأشقاء والأصدقاء أن يتخليوا كيف سيتم التعامل مع قادة المعارضة في حال وافقوا على الحضور إلى القصر أو الدار الرئاسي ليفاجأوا عند الخروج بأن حشود شرعية السبعين أطبقت الحصار على القصر الجمهوري وتطالب بتسليم قيادة المعارضة في حين تطوق قبائل مسلحة بأسلحة متوسطة أي "آر بي جي" ومضاد طائرات مطار صنعاء وتمنع أي مروحية من التحليق وتهدد بضرب أي طائرة عمودية تحاول الخروج عن سور المطار.
قد لا يتصور البعض حصول هذا الموقف، لكن ما حصل أمس من محاصرة للسفارة الإماراتية وبداخلها ذلك الكم من الدبلوماسيين العرب والأجانب، يجعلنا نتخيل حدوث أي شيء من هذا النظام الذي قد أفلس سياسياً وأخلاقياً ودبلوماسياً، عوضاً عن كونه قد فعل ذلك مع سفراء دول شقيقة وصديقة أقل دولة منها تدعم نظام صالح سنوياً بملايين الدولارات كمنح لا قروض.
أتمنى أن الإخوة قادة دول مجلس التعاون الخليجي وكذا زعماء روسيا والصين قد وعوا الدرس جيداً وفهموا أن هذا الرجل الذي يأبى إلاَّ أن يشهد العالم بأنه من سيقود البلاد إلى حرب أهلية، وأعتقد أن الدكتور/ الزياني أدرك لماذا المعارضة ترفض التعامل المباشر مع هذا النظام، لذا غادر وقد أوصل لقادة المشترك رسالة قوية حين قال لهم: كيف صبرتم على هذا أكثر من ثلاثين سنة.