الشيخ/ سنان أبو لحوم في مذكراته عن حقبة ما بعد ثورة سبتمبر، ذكر أن المشائخ إبان احتدام الخلاف بين الثوار الجمهوريين حول إدارة الدولة الوليدة، كانوا قد طالبوا مجلس قيادة الثورة بضرورة عودة المشائخ إلى قبائلهم والضباط إلى معسكراتهم والتجار إلى تجارتهم، بحيث تترك السلطة لغيرهم من أهل الاختصاص والكفاءة.
العم/ سنان والموقعون معه من المشائخ، ربما لم يدركوا حينها أنهم كمن وضع يده على وجع هو في طور التكون، لكنه سيصير فيما بعد مرضاً مزمناً يصعب استئصاله، فلو أن هذا الثلاثي عاد إلى مكانه الطبيعي كشيخ على قبيلته أو كقائد على جنوده وضباطه أو كتاجر على بضاعته ورأسماله -لكان حال الدولة اليمنية غير الوضعية البائسة والضعيفة المشاهدة اليوم وبعد مضي نحو نصف قرن على الثورة والجمهورية.
للأسف لم تجد مطالبة المشائخ آذناً صاغية، تعقلها وتجسدها عملياً، ما حدث بعدئذ هو أن هذه الأضلاع الثلاثة تآلفت مع بعضها مشكلة سلطة الدولة، فمنذ ذاك التاريخ والقبيلي والعسكري والتاجر الفاسد في تزاوج كاثوليكي لا انفصال فيه.
في علم الاقتصاد يطلق على هكذا حكم بـ(مثلث الموت) أو كما وصف بـ( مثلث برمودا)، هكذا إذن حالنا، فالشيخ والعسكري والتاجر الفاسد صاروا جميعاً مسؤولين وتجاراً ووجهاء في آن واحد.
اليوم البعض يعد ما يجري اليوم وكأنه بين الفئات الثلاث والرئيس/ صالح، لا مقارنة بين مناهضة القبيلة في الأمس للقاضي/ الإرياني أو الشهيد/ إبراهيم الحمدي وبين مناوئتها في الحاضر للرئيس/ صالح، ففي زمن العم/ سنان وقفت القبيلة في وجه سلطة الدولة، أما الآن فالقبيلة مع الثورة الشعبية وفي وجه الحكم الذي لا يريد قيام الدولة المدنية.
محمد علي محسن
ثالوث العم سنان 2476