يوم بعد أخر , يفاجئنا الرئيس " صالح " بمواهبه الجديدة المتعددة، الرجل ليس بارع بمهارات الكذب وإشعال الفتن والدسائس التي يعرفها أبناء شعبه فحسب , بل ظهر كبطل عالمي في " كمال الأجسام ".
من يصدق أن الذي وجه بمحاصرة ,سفير أهم دولة في العالم , وأمين عام الدول النفطية الثرية, هو رئيس لأفقر دولة في العالم؟
الرئيس "سمخ" لا يأبه بتحذيرات فرنسا وتصريحات وزيرة الخارجية الأميركية, ولا يعير لها أي اهتمام . سوريا تصف تصريحات الاتحاد الأوروبي بأنها "خطأ ", ونحن نقول " اليمن لا تقبل أي إملاءات من الخارج", رغم أننا لم نُعاقب بما عوقبت به جمهورية بشار، ربما انه يقرب لـ"تشافيز" من الرضاعة.
الشجاعة مستحبة, لكن حين تكون في كل المناسبات, لا أمام كاميرات الفضائيات، في كل الظروف, لا أن يسمح لطائرات دون طيار أن تقصف ما تشاء أمس, وتقول في اليوم الذي يليه لا نقبل إملاءات البيت الأبيض .
بدأت أشك في كوني يمني . أوهمت نفسي أني من كوريا الشمالية , أو إيران , الدولتان النوويتان اللتين لا تتهددان من الغرب , وليس من اليمن الذي يرأسه شخص فيه كل أمراض العالم النفسية , أحد الأعراض.
منذ الأحد , كان لقلبي أصابع . وقف قلبي كجندي مرور طيلة ساعات اليوم , مرعوب مما يحصل , وكاد أن يسقط من الإغماء وهو يسمع صالح يتوّج يوم 22 مايو بخطاب يذبح اليمن بـ" موس ". .
رفض الرئيس التوقيع على المبادرة , وكان أمر متوقع . لكن غير المعقول أن يكون تأجيل التوقيع الرئاسي , هدفه القيام بمهمة جنونية : الحرب الأهلية بمثابة " مشوار " على الرئيس أن ينجزه , قبل التوقيع .
سيوقع صالح بالنهاية, دون أن تحضر المعارضة إلى القصر, لكن عليه أن يقوم بمعاقبة شعب أدب رئيسه أحسن تأديب في عيد الوحدة . أُهين مرة جديدة , وأكبر . طريقة احتفاله في عرض عسكري باهت داخل حوش كلية, والشعب العظيم يحتفل كاملاً في الساحات والميادين والشوارع . جعلته يصاب بالسعار , ومستعد للفتك بأي ضحية عبر حرب.
ما حدث في صنعاء , ليس مجرد حادث عابر, بين دورية نجده , ومرافقي شيخ, بل معركة - مازالت حتى الآن ودية ولا تندرج ضمن لقاءات البطولة -.نزال مهم, استعدادا لحرب أهلية, جهز لها الرئيس جيداً.
لم يكن الرئيس مستعدا لانتقال سلس للسلطة , كان يراوغ أكثر , ويحشد طبول الحرب . نقل الطائرات العسكرية الحربية إلى تعز ولحج والحديدة , ليس مؤشراً على تسليم الحكم, بل تسليحه أكثر.
نقل استديوهات الفضائية اليمنية إلى دار الرئاسة, ودائرة الشاطر, لا يدل أن الحرب الدائرة الآن ,ولدت بالصدفة , بل كان يدرك أن منطقة الحصبة والجراف, ستفلت من يده.
ليلة الأحد , جاهر الرئيس بالدعوة للحرب الأهلية , بعد أن ظل طيلة الأشهر الفائتة يرسلها عبر "التحدي بالتحدي" تارة, وعبر "فك وثاق الأيدي المكتوفة " تارة أخرى.ومادام هناك" غريم "أسمه اللقاء المشترك, فأن القتل سيكون سهلاً, وسريعاً.حاكمنا "أمير حرب". يستمد شرعية من الدبابة , لا الدستور.
الرجل الذي يهلل بحرب أهلية. بالدماء التي "زفكت وستسفك " كما قال, هو "قنبلة موقوتة", لا شعبه العظيم الذي لقنه درساً لن ينساه يوم 22 مايو, ويصفه بـ" القنبلة ".
الشخص الذي يأمر كزعماء الحشاشين بمحاصرة سفارة دولة , هي أكثر من تمد يدها لإشباع جوعه , خطر على السلم الاجتماعي .حالة نفسية , أسد أمام قبائل السبعين , ونعامة أمام سماعة الهاتف ,حين يعبر عن آسفة الشديد.
يعبر الكثير عن استياءهم من الموقف السلبي الواضح لواشنطن والاتحاد الأوروبي من الأزمة اليمنية وعدم التعامل مع نظام صالح بحزم كما فعلوا مع مبارك , ويفعلون مع الأسد .
في اليمن ليس هناك دولة , حتى يتم معاقبتها , ولا يوجد نظام , حتى يُوجّه له كلام دبلوماسي , فيتعامل معه بدبلوماسية .لا فرق معه أن كان رئيساً للحزب الحاكم , أو رئيسا للحرب الأهلية.. الحزب والحرب, يفصلهم حرف.
هناك نظام مختل . مختل نفسيا وعقليا و اقتصادياً ودبلوماسياً , ويحتاج لأن تتحرك منظمة الصحة العالمية للتعامل معه , لا مجلس الأمن الدولي.
هذا الرجل لا يعي معنى مجلس الأمن , ولا مجلس التعاون الخليجي . يعرف فقط مجلس الدفاع.
كيف ستتعامل الدبلوماسية مع رئيس يقول " اليمنيين لا يفهمون الديمقراطية " , ثم ينقضه بأنه " لن يغادر كرسيه إلا عبر الصندوق" . لو سُئل صالح: من الأهم مجلس الأمن أم مجلس الدفاع الوطني ؟ سيجيب أن الأخير هو الأهم, وأن مجلس الأمن ليس إلا "مجرد غرفة" في واشنطن, تُدار من تل أبيب.
ماذا سيصنعون مع جنرال حرب , يوقع على مبادراتهم شفهياً , بالتلفون, ويمتنع " تحريرياً " ,وكأننا أمام تلميذ بليد , في امتحان لمادة اللغة العربية ؟
الدبلوماسية ستنتهك لو فكرت بالتوسط مجدداً ., كما أهين "الزياني" الذي جاء ليحفظ كرامة الرئيس , وبات يحفظ طريق المطار دار الرئاسة أكثر من طريق منزله في البحرين , الوساطات الداخلية تضرب بالنار , والخارجية تُهان .
في اليمن " وباء " فقط اسمه صالح, وعلى المانحين التحرك عاجلا, وإقناع منظمة الصحة العالمية إن الذي يهددها " وباء قاتل " , لا نظام , ومن واجبها إعلان اليمن منطقة منكوبة ,و إنقاذ أكثر من 20 مليون يمني من الموت , والهجرة بسبب الحرب الأهلية التي يعشقها الرئيس.
نقلاً عن المصدر أونلايـن
alkamaliz@hotmail.com
زكريا الكمالي
رئيس الحرب الأهلية!! 1929