رئيس جنوب إفريقيا (زوما) حاول جاهداً إقناع صديقه ألقذافي بضرورة مغادرة الحُكم حقناً للدم والدمار، باء مسعاه بالخيبة والنكوص نتيجة إصرار العقيد بكونه قائدا لثورة وجماهيرية لا رئيساً لجمهورية مثلما يعتقد الآخرون.
الحُكم الطويل يصيب صاحبه بالترهل والعقم الذهني والفكري، فالبقاء في السلطة عشر سنوات كفيل بفقدان ربع العقل وفق تعبير ساخر للدكتور عبدالله الفقيه، فكيف إذا ما حكم الإنسان ثلث قرن أو نصفه وفي بلد مختزل بشخص الحاكم كليبيا أو اليمن أو سوريا؟.
إذا ما قلنا بان عقداً من الزمن سيذهب ربع العقل يكون القذافي قد استنفد عقله كليا، فيما الرئيس صالح بقي له أقل من الربع، لا عجب إذن من تصرفات الاثنين، فكلاهما يعاني من الشك والخوف والوهن الحسي والذهني ومن جنون العظمة والغطرسة وووالخ من الأمراض التي تصيب الحاكم الديكتاتور, فأيا كانت قدرات هذا الحاكم فانه بقائه في السلطة أكثر من ثمان أو عشر سنوات ستجعله بليداً وعاجزاً عن الخلق والابتكار والفهم والاستيعاب.
الدكتور مهاتير محمد برغم ما حققه لبلده ماليزيا من معجزة بكل المقاييس الاقتصادية والإنسانية والسياسية إلا أن هذه المكانة بين النمور الأسيوية أو بين اسود الصناعة والتجارة العالمية لا تشفع له لدى الكثير من معارضيه بقائه في السلطة عشرين عاماً.
البعض يتعجب كيف أن القذافي صار مجنون بداء العظمة؟، كيف أن صالح يشبهه كثيرا؟ كيف أن الاثنين لا يحتملا مسألة مطالبتهما بالرحيل والمغادرة؟ معهما كل الحق؛ فهما أعتادا على أناس خانعين ومطيعين لدرجة العبودية، المشكلة ليست بشخصهما الفاقدين للعقل والمنطق وإنما المشكلة بنا نحن الذين منحناهما سلطة مطلقة وبلا حسيب أو رقيب وكل هذه المدة الزمنية.
نعم نحن من صنع هذه الهالة والفخامة والزعامة الزائفة، فمن الذي جعل من مبارك فرعون؟ ومن العقيد معمر نيروناً متغطرساً ومن الضابط صالح ملكاً متعجرفاً ومن بشار أسدا؟.