لم تكتمل الثورة بعد بل إن أعظم تحدياتها لم تبدأ، فأهدافها السامية لن تتبلور وتتحقق إلا بعد مضي ردحاً من الزمن، فنجاحها سيتم فعلاً حين تصبح الحياة المدنية واقعاً ملموساً لا حلماً يداعب الخيال.

 ستتحقق يوم أن يسود النظام والقانون ويوم أن يصبح العدل ميزان البشر والظلم وجهاً بشعاً لا يحتمل رؤيته أحد.

الشعوب الحرة ما إن تنتفض لا تهدأ مطلقاً إلا بعد أن تحقق كل أحلامها وسيناريو المشهد السياسي اليوم جاء على نحو مفاجئ، فشخصياً لم أتوقع هذه الطريقة في الرحيل مع يقيني السابق أن الحاكم اليمني كان لن ينهج النهج التونسي أو المصري فهو الأقرب للنموذج الليبي حين يموت الضمير الإنساني وتسقط النفس البشرية في أتون الهاوية الأخلاقية، فالرجل قد حكمنا بالحديد والنار وثبت شرعية حكمه الكاذبة بالحرب وجر البلاد في الأيام الأخيرة نحو البارود، متحدياً سلمية ورود الثورة وشذاها الجميل وقداسة أكفانها البيضاء وملايين من الإرادات الحديدية التي لن يقوضها الخونة والمندسون وفلول النظام بل ستصقلها وستزيدها بريقا ليزداد وجه الحاكم عتامة وسواداً.

أربعة أشهر عصيبة خاضها الوطن وتحديات جسيمة لم يعشها الشعب من قبل ومجهول مخيف ينتظر الجميع، فساحات الحرية عليها ألا تنفض لأن الحرية مطلب الإنسان وحلمه الوحيد في سعيه الدءوب نحو الحياة, فاصمدوا في ساحاتكم والثورة الحقيقية تبدأ الآن والمسؤولية الوطنية ستتجسد اليوم في أروع صورها.

 فأين هم اليوم رجال الوطن الحقيقيون,رجال من ذهب سيدونون لنا تاريخاً جديداً وسيكتبون للثورة الثالثة للنجاح، فالثالثة عليها أن تكون ثابتة لأن الشعب منهك وهو اليوم أحوج ما يكون للعيش الكريم بعد سنوات عجاف طويلة جداً.

 سيناريو المشهد الأخير وقصة الرحيل لعلاج الجروح والحروق لا يحمي الرجل من حق الشعب في المقاضاة والمحاسبة، فجراح الشعب وحروقه لن تشفى والدماء التي روت عطش الأرض لن تسقط بالتقادم وتساؤل في رأسي لم يهدأ بعد من الذي أسقط النظام فعلاً؟؟.

 ولا أنقص هنا من ثورة الشعب العظيمة وقرابين الحرية العديدة لكن بين ورود الثورة وبارود القبيلة وبين حلمي الأزلي في أن أعيش في دولة مدنية منزوعة السلاح وتحترم قيمة الإنسان أبقى أنا حائرة ومتسائلة: من الذي أسقط النظام؟؟

Sheema_b88@yahoo.com