بعد قيام الوحدة كنا نصف اليمن بـ (بلاد المليون عقيد) ربما تأسيا بالجزائر بلد المليون شهيد، وقد يكون من باب الدعابة والسخرية إزاء وضع متخم بالعقداء، اليوم وأمام انقطاع التيار الكهربائي العمومي صار البلد قبلة للمولدات الكهربائية الصينية ولحد وصفه بموطن المليون ماطور.
الفارق بين الحالتين أننا في الأمس قلنا تندرا وضحكة بينما في الحاضر نرددها وقلوبنا تبكي وجعا وتعتصر غضبا وسخطا ، فمن شدة ما نعانيه هذه الأيام ليس بمقدورنا غير اللعن والشماتة أو الدعاء بزوال النظام ورئيسه الذين لم يكتف بفشله الذريع تنمويا ومعيشيا وتعليميا وصحيا ووطنيا بل تمادى في إخفاقه إلى إطفاء نور الكهرباء وقطع الماء وفي عز الصيف وعلى مدن لم تعهد انقطاع التيار منذ عرفت الإنارة لأول مرة في زمن الانكليز.
حين تحققت الوحدة كانت القدرة التوليدية تضاهي ماليزيا (ألف ميجاوات) اليوم ماليزيا لديها 15 ألف ميجاوات فيما اليمن تراوح محلك سر ما بين 800-1000ميجاوات، إيران إذ ذاك 15ألف ميجاوات والآن 35ألف ميجاوات، فباستثناء العراق الذي تراجعت طاقته من 30 ألف إلى 8ألف ميجاوات نتيجة لتعرض منشآته للتدمير والخراب خلال السنوات الفائتة فأن معظم دول البسيطة شهدت قفزة نوعيه في الطاقة، فبدون القدرة على توليد وإنتاج الطاقة لا يمكن الحديث عن التنمية والاستثمار والصناعة والسياحة وغيرها من نواحي الحياة.
لا أدري كيف لنظام فشل في معالجة أزمة الطاقة الادعاء بتحقيقه المعجزات التنموية والاقتصادية؟ نظام لم يستطع مواجهة مسألة انقطاع التيار ولا نقول إيصاله للأغلبية التي مازالت بلا كهرباء عمومي، كيف له أن يبقى هذا العمر المديد؟ وكيف له أن لا يسقط بعد هذه المعاناة المستديمة؟ فمن نصف ساعة إلى ساعة إلى ساعات والآن نتكلم عن أيام وليال.
بعد كارثة فوكشيماء النووية عاد الحديث عن الطاقة الشمسية كبديل للطاقة القائمة ، البعض يبحث ويدرس حول إمكانية تزويد أوروبا وأمريكا من الصحراء الكبرى أو الربع الخالي، آخرون ذهبوا إلى جلب هذه الطاقة من الفضاء مباشرة ومن خلال محطات تحويلية سيتم إطلاقها على غرار مركبات الفضاء.
في هذا البلد لا توجد ثمة معالجة للوضعية البائسة التي يعيشها المجتمع، فلماذا نشغل أنفسنا في مسألة الطاقة البديلة؟ يكفي أن نولي وجهنا شطر الصين العظيم لندرك أية لعنة أصابتنا وأية مصيبة حلت بنا ! عقب وصول طائرة الرئيس إلى الرياض تداول اليمنيين نكته مفادها انطفاء الكهرباء في المملكة، أشارة ذكيه تكفي لمن أراد معرفة مكمن المشكل والحل.
محمد علي محسن
بلد المليون ماطور 2599