اهتمّت الصحف البريطانية بتطورات المشهد اليمني بعد مغادرة الرئيس صالح إلى السعودية، لتلقي العلاج من قصف طاله الجمعة، فقد تحدّثت صحيفة (ذي غارديان) عن الفرصة المتاحة لليمنيين لإصلاح أوضاعهم، واعتبرت (إندبندنت) أن رحيله نذير شؤم، إذ سيسرع بانزلاق البلاد نحو حرب أهلية.
وتساءلت (ذي غارديان) عما سيحدث لليمن بعد صالح، وقالت في مقال للكاتب برايان وايتيكر: إن اليمنيين لديهم اليوم فرصة ليتوصلوا إلى حل للأزمة السياسية التي شلت بلادهم منذ فبراير/ شباط الماضي.
واعتبر الكاتب إقلاع طائرة من اليمن وعلى متنها "24" فرداً من عائلة صالح، ليلتحقوا به في السعودية مؤشراً على أن ركائز عصر صالح قد انهارت، وأعرب عن اعتقاده بأنه لن يعود رئيساً لليمن وأن السعوديين والأميركيين سيعملون من وراء الستار لضمان ذلك.
ويدلل الكاتب على صحة اعتقاده بأن عدداً كبيراً من كبار نظام صالح جرحوا في الانفجار ونقلوا أيضاً إلى السعودية لتلقي العلاج، كما أن هناك من يقول إن ابن أخت صالح وقائد القوات الخاصة قد قتل في الانفجار، وهذا يعني أن نظام صالح أصبح مبعثراً ومفككاً.
وفي الوقت الذي يقر فيه الكاتب بأن اليمن أصلاً لم يكن بلداً مستقراً بالكامل، يرى أن الفرصة الآن للتوصل إلى سلام واستقرار نسبيين أكبر بكثير مما كانت ستكون عليه لو بقي صالح يقاتل للتمسك بكرسي الرئاسة.
كما يرى "وايتيكر" أن الوضع في اليمن أصبح مواتياً لتناول الاتفاق الذي رعته دول الخليج ووافق عليه صالح في البداية، ولكنه رفض التوقيع عليه في آخر لحظة، لأن البنود التي عطلت تنفيذ الاتفاق غير ذات صلة الآن، وهي إعطاء صالح حصانة من الملاحقة الجنائية، وتقديم استقالته إلى البرلمان الأمر الذي ينطوي على تعقيدات كثيرة، لأن حزبه يحتفظ بالأغلبية البرلمانية، وأخيراً كان الاتفاق سيسمح لصالح بالعمل لفترة مع الحكومة الانتقالية التي من المفترض أن تتضمن أحزاب معارضة، وهو ما يعد قنبلة موقوتة.
ويعلق الكاتب بأن أي شخص يعرف صالح يدرك جيداً أن تلك الاتفاقية ما كانت لتعيش طويلاً، وأن صالح كان سيقوم بأي وسيلة لنسفها ونسف تبعاتها.
- حرب أهلية:
أما الـ(إندبندنت) فقد ذهبت باتجاه آخر مختلف تماماً وعنونت افتتاحيتها بـ"الطاغية قد رحل ولكن خطر الحرب الأهلية باق".
تقول الصحيفة: إنه من الصعب التصور أن ما حدث في اليمن في الشهور الأخيرة هو نسخة من ثورتي مصر وتونس، صحيح أن صالح كان قد اهتز موقفه بعد أن فقد دعم القبائل الشمالية، وأصبح شبه سجين في قصره، إلا أن رحيله بهذا الشكل قد يسرع انزلاق البلاد إلى حرب أهلية تستثمرها مجموعات القاعدة.
وترى الصحيفة أن مشكلة اليمن مزمنة ولن يحلها تبديل حكومة محل أخرى، فمن شح المياه إلى البطالة المتفشية إلى انخفاض الموارد النفطية وأمور أخرى كلها تشكل قائمة محبطة بالموانع التي تقف بين هذا البلد وتحوله إلى ديمقراطية حقيقية، وإذا أضفنا إلى تلك القائمة موضع مطالبة الجنوب بالانفصال عن اليمن، فسيكون لدينا وصفة مثالية لتصنيف اليمن كدولة فاشلة.
السؤال - وفقاً للصحيفة: من أين ستأتي أي حكومة جديدة بالأموال اللازمة لحل كل تلك المشاكل المزمنة؟ المطالبات للغرب بضخ أموال في مصر وتونس قد بدأت بالفعل، وسوريا تعاني من وضع يتأزم كل يوم مع سقوط المزيد من القتلى على يد قوات الأمن السورية التي تريد قمع وإسكات المطالبين بالتغيير الديمقراطي.
من غير المحتمل أن تقوم الدول الغربية بخطة مارشال لإنقاذ ذلك البلد النائي (اليمن)، رغم أن الوضع يشير إلى أن الحل الوحيد لإنقاذه هو خطة إنقاذ دولية شاملة.
وتتناول الصحيفة دعم الولايات المتحدة لصالح بشيء من النقد والتبرير، وتقول إن ما يحدث إثبات آخر على فشل سياسة الولايات المتحدة في الاعتماد على دعم الحكام المستبدين، كما اعتمدت على صالح حليفاً في محاربة القاعدة.
لكن الصحيفة تستطرد وتقول إن الوضع في اليمن يبين أن الأميركيين لم يكن لديهم خياراً آخر، حيث لم يوجد من يمتلك رؤية واضحة ويعتمد عليه لقيادة التغيير سوى الانفصاليين الجنوبيين والإسلاميين، ولكن رؤية هؤلاء وأجندتهم كافية لإثارة رعب أي قائد إقليمي أو دولي.
وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بالقول: إن خطة إنقاذ اليمن يجب ألا تترك للولايات المتحدة بمفردها، وتضيف أن بريطانيا نسيت اليمنيين، ولكن لم ينسها جميع اليمنيين، حيث لا تزال أيام البريطانيين تذكر بالحسنى في اليمن -على حد قولها، وحثت رئيس الوزراء البريطاني "ديفد كاميرون" على استثمار ذلك.
ملاك عبدالله
رحيل صالح.. نعمة أم نقمة؟ 2120