- طلقات الكلاشينكوف ليست إلا تعبيراً عن عجز الكلمات"، قول مأثور عن صاحبه الدكتور/ فرج فوده الذي اغتالته ذات الرصاصات إثر نشر مؤلفه(الإرهاب) وأجده حاضراً إزاء فشل فرض الوحدة على الجنوب بالقوة أو محاولة فرض الانفصال على الشمال وبالقوة نفسها، ففي الحالتين القوة ثبت فشلها في فرض الوحدة وستفشل أيضاً في فرض الانفصال.
- ما يجب إدراكه ومعرفته هو أن الفكرتين السائدتين الوحدة والانفصال بالقوة لم ولن تعودا اليوم مستساغتين إلا لقلة قليلة من البشر والذين يؤخذ عليهم عدم استيعاب وفهم ما حدث من ثورات شعبية مدنية يحسب لها تغيير كثير من المفاهيم والوسائل الثورية والنضالية التقليدية، بحيث بات بمقدور الناس في الوقت الراهن إسقاط نظام أو تغييره دونما الحاجة إلى بندقية ورصاصة مثلما كان سائداً وقائماً حتى وقت قريب.
- هذه الثورات بدورها أوجدت مناخات وطرقاً وأفكاراً مختلفة في شكلها ومضمونها عن ثورات العنف، فإذا كان السلاح وسيلة ناجعة في حسم الصراعات والخلافات السياسية في الماضي، فإنها اليوم تبدو وسيلة مضرة بأية عملية سياسية، على هذا المبدأ المدني والديمقراطي والحضاري ينبغي التأصيل لقاعدة جديدة تقوم على أساس الضغط الشعبي الاحتجاجي في مواجهة آلة القوة والجبروت.
- دون القبول بالآخر لا يمكن الحوار ودون امتلاك لغة التحاور لا يمكن إيصال ما تريده، وحين تغيب اللغة المشتركة يصعب إقناع الآخر بقبول الفكرة وعندما لا تستطيع طرح فكرتك مثلما ينبغي أن تكون يصير من الاستحالة التوافق أو التسوية للقضايا التي هي مثار خلاف وجدل لا ينتهي.
- فالصراع في الحاضر انتقل من الصراع المسلح العنيف على مساحة جغرافية وسلطة إلى جدل الأفكار حول الدولة المدنية والاقتصاد والتعايش والعدالة الاجتماعية وانتقال الحكم ديمقراطيا وسلميا، فلا يكفي أن يمتلك الإنسان سلاحا ورجالا ليقرر مصيره ووجوده كشخص وكقبيلة وطائفة ومنطقة وجهة، أيا كانت المعاناة شديدة وقاسية وأياً كان الشعور مريراً والوجود هامشياً ومقصياً في الدولة اليمنية القائمة،ففي جميع الأحوال نحن إزاء دولة يمنية جديدة بدأت بالتشكل والتخلق وعلينا ألا نكون خارج السرب، فكما يقال "تغريد عصفور لوحده لا يأتي بالربيع".
- القيادي الاشتراكي د.عبدالرحمن عمر عبدالرحمن السقاف لفت انتباهي إلى طبيعة الخلاف ما بين جنوب السودان وشماله، فعلى الرغم من كون قضية جنوب السودان تختلف جذرياً عن قضية جنوب اليمن، إلا أن انفصال الأول عن الشمال مطلع العام الحالي ما كان سيحدث لولا توافق قادة الجنوب مع قادة الشمال حول حق تقرير المصير، نعم هذا الانفصال لم يأت بقوة السلاح أو خضوعاً لرغبة أميركا والغرب فقط وإنما قبلهما توافق الجنوب مع الشمال، فدون اتفاق السلام لكانت قضية الجنوب عالقة كما كانت منذ نصف قرن.
أسأل كيف لا يكون لمحافظات الجنوب علاقة بما يحدث في محافظات الشمال؟..
حقيقة أستغرب حين يتكلم قادة في الحراك عن جنوب لا صلة له بثورة شعبية أول شهدائها في
عدن واكتسحت اليمن شمالاً وجنوباً! ..فهل يعقل أننا وصلنا إلى هذه الحالة البائسة الجاحدة
بتضحيات ونضال ثورة تقدم نفسها لكل اليمنيين؟.
تصوروا أحدهم قال: لا علاقة للجنوب كلياً بثورة الشمال"، خيل لي أن هذا الجنوب في كلكتا لا في اليمن وفق تعبير حضرمي ساخر ..إذا كانت الثورة لا تعني شيئاً للجنوب فماذا نتوقع من هؤلاء الإتيان به على الأقل في الزمن الحاضر؟.