إذا أردت أن تعرف مدى تقدم ونمو مجتمع ما فانظر إلى المستوى التعليمي والثقافي لأبنائه, أي انظر إلى مدارسه وجامعاته ومناهجه, ابحث ساعتها عن مستوى المعلمين والمعلمات والمدراء والمسؤولين والموجهين والطاقم التعليمي بأكمله.
وفي حين يصمد شباب التغيير في الساحات يصمد طلابنا وطالباتنا في قاعات الامتحان للشهادتين الأساسية والثانوية مع فرق شاسع وكبير, فشتان بين الامتحان الكبير للوطن في سعيه نحو الحرية رغم عقبات ومحاولات الفشل ,لكنه يحاول أن يتشبث بقشة للصمود والنجاح وبين امتحان من نوع آخر يقوم به طلابنا ولا أدري ما الفائدة منه؟ فالطالب يأخذ ورقة الامتحان بيد وفي اليد الأخرى كتاب المادة المعنية , بل تصل في أحوال كثيرة إلى أن الكتاب بيد الطالب ولا يعرف كيف يغش ومن أي درس أو صفحة..لا بل يسمح للطلاب أن يغشوا مباشرة من الكتب منذ الساعات الأولى للامتحان بينما الكثير منهم يقف متسائلاً وحائراً: أين الإجابة؟؟ هل في كتاب الجزء الأول أو الثاني؟؟ المهم قصة التعليم ومستواه في البلاد حديث ذي شجون وألم, فسرطان الغش المنتشر كالنار في الهشيم في كل مدارسنا والفساد الممنهج في سير عملية التربية والتعليم منذ أعوام طويلة كان ولا زال غرضها الأساسي إفراز جيل جاهل وأمي بلا هوية ولا هدف ولا أخلاق أو ضمير,فالجيل المثقف يأبى الضيم والفساد والعبودية ,أما الجيل الجاهل فهو من يضيف للحكومات المستبدة أعواماً عديدة وأزمنة مديدة من التجبر والاستعباد.
جيل الثورة اليوم تتداعى عليه كل الأطراف مثلما تتداعى الأكلة على قصعتها, وطلابنا اليوم ضحايا ومشاركون في قتل أنفسهم وعقولهم في نفس اللحظة وحين يصبح واقع التعليم لا يسر عدواً ولا حبيباً وحين تنحط الأخلاق وتغيب المسؤولية وينهار الضمير الإنساني من نفوس المعلمين والمربين فساعتها حدث دون حرج وساعتها ستحتاج للكثير من المناديل الورقية لأنك ستبكي كثيراً على بؤس مستوانا وستنتحب حسرة وكمداً على إخوتك وأبنائك وبناتك الذين هم عماد المستقبل وحماة الوطن وربما ستغرق في بحر دموعك حينما تقف أمام صورة للوطن المجروح ولشباب الحرية الصامد , الشامخ رغم رياح الانكسار, لكن مهما طال قهرنا لا بد أن تدركنا الحرية في يوم ما شئنا أم أبينا ,المهم أن نتمسك اليوم بإرادة التغيير وروح الثورة والقوة الكافية لمواجهة الثورة المضادة.
نتمنى أن نرى وطناً دون غش أو فساد..ومعلم كاد أن يكون رسولاً لا مهاناً أو متشرداً أو متسولاً..نتمنى أن الثورة تصل لآخر الطريق فتعيد لجيل الغش بعضاً من الثقة والقوة لمحاربة هذه الآفة في السنوات القادمة..فلا يجتمع قلبان في جسد واحد ولا يمكن أن يكون جيل الثورة غشاشاً وبامتياز..وأذكر هنا ما قاله القائد العظيم سعد زغلول في يوم عاد للبيت محبطاً من الواقع فقال:( ما فيش فائدة يا صفية) وذهب لينام, تلك الكلمات ألهبت مشاعر زوجته(صفية زغلول) التي حركت النساء لمظاهرات واحتجاجات واسعة دعماً لزوجها ولقضية الحرية التي كان يناضل من أجلها.
وهكذا علينا جميعا أن نتمسك بأمل التغيير وبالتفاؤل بدلاً أن نتمسك بقولنا( ما فيش فائدة) علينا أن نرى بصيص الأمل في كل بقعة مظلمة حولنا وما أحلك الظلام حولنا!! فلعل الغد يحمل للجميع الخير الكثير, فرفقاً بجيل الثورة أنتم قدمتم له وطناً جريحاً وحياة مغتالة ،فدعوه اليوم يبحث عن وطنه الخاص الذي يريد ويرسم الحياة التي يحب ولعل الفرج قريب قولوا: أأميين.
شيماء صالح باسيد
جيل الثورة والغش 2064