سؤال يعتريني دائماً كلما فكرت أن أكتب، ولذلك أرى نفسي في حالة من التبلد، منذ فترة طويلة لم أستطع أن أكتب حرفاً واحداً..وعن ماذا أكتب ؟ عن زعيم كنا نحبه قتلنا وشردنا أو عن قائد كان رمزاً عربياً أفلْ ؟! أوتراني أكتب عن أرض عشقنا ترابها، فـدفنت بين ثناياها شهداء راحوا ضحايا للحرية.. آآآه يا شهداءنا آآآه يا دماءكم الزكية، آآآآه يا أطفالكم اليتامى، وآآآآه يا أمهاتكم الثكلى وزوجاتكم الأرامل، لا يكفيني أياماً وسنيناً كي أظل أتكلم عنكم وعن دمائكم الطاهرة وعن تضحيتكم الكبيرة، وهل يوجد أغلى من الروح كي نقدمها كـفـداء للوطن ؟
وإننا لنتساءل عن أولئك الذين يتشدقون بقولهم إن الشهداء ليسوا شهداء ؟! بل شهداء عند ربهم يرزقون.. شهداء الحرية والكرامة.. شهداء لأنهم قضوا غدراً وإثماً وعدواناً.. والله يعلم مالا تعلمون..
وأنتم.. يا من قتلتموهم برصاص الغدر والخديعة ؟ ستلاقون جزاءكم عند ربكم.. ومن ذا الذي يفلت من عقاب الله ؟! إذا استطعتم أن تفلتوا فأفلتوا !! فالجزاء من جنس العمل، وكما تُدين تُدان !!! سبحان ربي جلّ في عُلاه يرد المظالم إلى أصحابها ولو بعد حين.
وطني الجريح ؟ أصبح فيه حماة الوطن هم قطاع الطرق ومزعزعين الأمن والأمان لو تحدثنا عما يتم داخل المعسكرات والمؤسسات الحكومية بلا رادع ولا ذمة، بلا رقيب ولا حسيب !! يتم سرق مخصصات المشتقات النفطية وبيعها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة. فساد مالي وإداري في كل النواحي يتم استغلال الوضع من قبل بعض المسئولين والمستنفذين.. وعناصر من منتسبي بعض أحزاب اللقاء المشترك يقومون بعمليات السرقة والفساد ومن ثم إلصاقها بالنظام.. وما هي الأهداف من وراء هذه المهزلة ؟! لماذا هذه الخيانة الوطنية العظمى؟! ألا يعلمون أن كل شيء لا محالة زائل ويبقى الوطن ؟!
حينما بدأ إطلاق نار كثيف في منطقتنا في ساعة متأخرة من الليل لأول مرة، ونحن متعودون على إلا نسمعه إلا في الأعراس ومن يطلق رصاص أو حتى طُماش يعاقب بالحبس ودفع غرامة.
لكن ذاك اليوم كان مختلفاً، كان مسموحاً إطلاق النار بكافة أنواعه وليس من أجل الحرب بل ابتهاجاً، فمن أجل من كسر القانون واخترق ؟ من أجل من أُرعب السكان الآمنون النائمون في ديارهم ؟!.. ظلينا لمدة ساعة نعاني الخوف والرعب، فلا كهرباء ولا تلفاز ولا راديو لكي نعلم ما يحدث، قلنا لبعضنا ( قرحت الحرب في حزيز) !!! وما زاد حيرتنا صعود بعض الجيران إلى أسطح منازلهم وإطلاق بعض الألعاب الضوئية وارتفاع أصوات النساء بالزغاريد !! قلنا هؤلاء مجانين يفرحون بالحرب!!.
ملاك عبدالله
ماذا أكتب ؟ ولمن ؟ 1865