حين ظهر الرئيس على شاشة التلفزيون ظننت للوهلة الأولى أنه سيلقي خطاب اعتذار لشعبه ويطلب منه الصفح والعفو عن كل الألم الذي سببه لأسر من ماتوا أو من شاهدوا الموت بأعينهم ومن جرحوا أو احرقوا ومن يجوعون الآن بسبب انقطاع الرواتب أو الذين يتعذبون من الوقوف في طوابير لمدة ثلاثة أو أربعة أيام بلياليها أمام محطات البترول.
اعتقدنا أنه سيوضح موقفه مما جرى، ثم يعلن تنحيه راضياً ونادماً على كل ما حدث، لكن للأسف خاب ظننا وعاد من جديد لنفس لهجة التحدي وكأن شيئاً لم يحدث، لم تقم ثورة ولم يذهب ضحايا فيها، وكل هذه الأزمات الخانقة التي تبدو أشد من العقوبات الأميركية التي تفرضها على كل من خرج عن طاعتها، إلى متى ستستمر ولمن المصلحة فيها وبأي ذنب يعاقب هذا الشعب؟
ما حصل في جامع النهدين في قصر الرئاسة لم يعرف حتى الآن إن كان صحيحاً، أم أنه مجرد مسرحية من تأليف أميركا ودول شقيقة وإخراج أعوان الرئيس وهل سيعود بعد كل ما حصل ليحكم من جديد؟ إن كان ما حصل حقيقة، فيفترض أن يكون الرئيس قد لاقى الموت وعرف معنى أن يحترق الجسد بنار يشعلها من يفترض أنه يقوم على حمايته.
كل شيء يبدو غامض وغريب وفعلاً أيقنا الآن أن لليمنيين خصوصية تختلف عن كل بلاد العالم في كل شيء حتى في سياسة القائمين على الحكم وأخلاقهم.
نحن شعب منحنا الله بلداً رائعاً، لكنه سبحانه ابتلانا بمعضلات كثيرة أشدها وطأة على النفس هو هذا النظام الحاكم، فلا أنه حكم بما يرضي الله ولا أنه اكتفى بما جمع وصنع وتركنا لوجه الله نجرب حظنا مع وجوه جديدة.
فماذا بعد يا رئيس؟، ماذا بقي في جعبتك تهديه شعبك وتختم به فصول حكمك؟، ماذا بعد كل هذا الدمار والموت ومحاربة الناس حتى في لقمة عيشهم ووقود مواصلاتهم؟
معذرة اسمح لي أن أذكرك ومن معك وحولك أن في السماء ملكاً عادلاً يعلم السر وأخفى، ليس بحاجه لشهادة الأمم المتحدة أو تقرير من مبعوث حقوق الإنسان، وإنما هو يمهل وله في كل شيء حكمة وحكمه هو الماضي فينا وفيك وإن كانت معك أميركا تحميكـ فلليمن رب يحميه.
ومضة:
ألوم صنعاء .. يا بلقيس ..أم عَدنا ×× أم أمة ضيعت في أمسها يَزنا
ألوم صنعاء.. لو أن صنعاء تسمعني ×× وساكني عدن.. لو أرهفت أُذنا
وأمة عجباً .. ميلادها يمنٌ ×× كم قطعت يمنا .. كم مزقت يمنا
ألوم نفسي .. يا بلقيس.. كنت فتىً ×× بفتنة الوحدة الحسناء .. مفتتنا
بنيت صرحاً من الأوهام اسكنه ×× فكان قبراً نتاج الوهم ..لا سكنا
وصفتُ من وهج الأحلام مدنا ×× واليوم لا وهجاً أرجو ..ولا مدنا
ألوم نفسي .. يا بلقيس ..احسبني ×× كنت الذي باغت الحسناء .. كنت أنا
بلقيس يقتتل الأقيال فانتدبي ×× إليهم الهدهد الوفي بما أؤتمنا
قولي لهم .. أنتم في ناظري قذىً ×× وانتم مرضٌ .. في أضلعي وضنا
قولي لهم يا رجالاً.. ضيعوا وطنا ×× أما من امرأة.. تستنقذ الوطنا
{غازي القصيبي}
جواهر الظاهري
وماذا بعد؟! ... 1998