لقد صنعنا ثورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى , أبهرنا العالم ، غيرنا نظرته السلبية للإنسان اليمنى أعيد لليمنى كرامته، صار يشعر بالفخر كونه يمنياً, أكثر من أربع أشهر من الصمود والتحدي أمام قوى البغي والجبروت التي استخدمت كل أنواع الأسلحة في سبيل القضاء على الثورة، لكنها مازالت مستمرة , صحيح أنها طالت كثيراً و لم تحقق أهدافها، لكنها غيرت أشياء كثيرة في نسيج المجتمع وكسرت حاجز الخوف وأسقطت أسطورة الغول التي ظلت ترعبنا لعقود من الزمن .
التأخر في تحقيق أهداف الثورة ليس بسبب خلل فيها، لكنه بسبب عدة عوامل، أهمها العامل الخارجي الذي له تأثير كبير على الواقع اليمني، وهي مشكلة اليمني منذ القدم، الذي دائماً ينتظر الحلول من الخارج.
العامل الخارجي كان أكبر من طاقة شباب الثورة، لذلك لم يستطيعوا الحسم، وهذا ليس له حل إلا الاستمرار في الثورة والتحلي بروح التحدي و الصبر والصمود, حتى نتمكن من بناء دولتنا والاعتماد على أنفسنا وبالتالي الاستغناء عن الخارج، هذا بحاجة إلى سنوات من العمل الدؤوب المتواصل وهي مسؤولية كل يمني حر وشريف ,
يحب أن نعترف أن الأزمة الاقتصادية وانعدام الخدمات الأساسية كالمشتقات النفطية قد ضرب الثورة في مقتل وأثرت على مسارها، مما جعل الكثير من أبناء الشعب يصاب بالإحباط، فأثرت على حياة الناس المعيشية، لكنها لم تمت روح الثورة في نفوسهم .
هذه التطورات تستوجب على شباب الثورة الوقوف معها وقفة جادة والتفكير طويلاً في إيجاد مخرج لها والبحث عن حلول عقلانية تضمن عدم القضاء على الثورة، في نفس الوقت تنقذ البلاد من الحالة السيئة التي تعيش فيها .
الحلول السياسية المطروحة على الطاولة التي قد تفرض علينا من قبل الخارج، قد نضطر قبولها على مضض، وهذا لا يعنى أن الثورة قد انتهت، بل بالعكس فهو بداية الثورة الحقيقة، لأن ثورتنا الحقيقة هي ثورة البناء والتطوير وإرساء دعائم الدولة الحديثة، ثورة الاعتماد على النفس والاستغناء عن الخارج , فالنضال السلمي طريقه طويل , والأهداف العظيمة لا يمكن أن تتحقق في يوم وليلة .
ثورتنا لم تقوم من أجل إسقاط أشخاص واستبدالهم بآخرين، إنما قامت من أجل إسقاط نظام وبناء دولة مدنية حديثة، هذا ليس بالأمر السهل ولا يمكن أن يتحقق في فترة وجيزة، فالذي يعتقد أن رحيل علي عبدالله صالح و أفراد عائلته من السلطة هو هدف الثورة، فهو مخطئ وعليه مراجعة حساباته وهو بذلك قد ظلم الثورة وحصرها في زاوية ضيقة جداً، ولنا في شعب مصر العظيم أسوة، فرغم رحيل مبارك وتقديمه للمحاكمة، إلا أن الثورة لازالت مستمرة، لأنها ليست ضد أشخاص إنما من أجل بناء دولة حديثة .
أعتقد أنه ليس من مصلحة ثورتنا رفض الحوار، ولكن الحوار الذي ليس فيه استعداء لثورة الشباب.