كلما قلنا عساها تنجلي.. قالت الأيام هذا مبتداها، هكذا تبدو لنا الظروف، من سيء إلى أسوأ والرياح عاتية مغبرة وغيوم داكنة لا تنبئ بمطر، ولكنها حالة مرضية مخيفة، نسأل الله أن يعافينا منها وأن يصلح البلاد، فالأخبار التي نقلها لنا المندوب السامي "برينان" يقول بأن الرئيس ربما يعود في 17 يوليو، أي في ذكرى توليه السلطة، وهذا ما أقلقنا وكدر خواطرنا.
فإذا كنا قد عانينا من القتل وإثارة الرعب وإحراق الممتلكات وإهدار كرامة المواطن لمجرد ظهور الرئيس في التلفزيون من مستشفاه في الرياض، فكيف إذا حضر وهو مثخن بالجراح، محطم المعنويات، وبعد أن خرج الشعب إلى كل الساحات يردد "الشعب يريد إسقاط النظام"، فكيف إذا حضر مع شعاره الجديد "السلطة تريد إحراق الشعب"، وقد بدأت ملامح الصورة تظهر، فهاهي أرحب تدمر، وأبين تطحن، وتعز تقصف بكل أنواع الأسلحة "صواريخ، دبابات، مدافع، طائرات"، وهي –أي تعز- المحافظة المسالمة "الحالمة" التي تنبذ العنف وتهفو للعلم والحب.
أما الحديدة والتي كانت تعرف بـ"ثغر اليمن الباسم"، فهي تندب حظها، فأهلها يهانون وشوارعها تكدست بالقمامة وميناؤها عشعشت فيه الغربان، ومستشفياتها يموت فيها السليم قبل السقيم.
وعدن وما أدراك ما عدن؟ التي تزينت الكلمات باسمها، حاضرة اليمن، ولؤلؤة المدن العربية، والميناء العالمي الشهير، والمدينة التي كانت تشكل التسامح والتعايش بين كل الأديان والقوميات وحتى الجنسيات، فقد ضمت اليمني والهندي والصومالي والحبشي وغيرهم، في تناغم فريد وإخاء إنساني قل نظيره، فهاهي عدن يغادرها أبناؤها بعد أن ضاقت بهم وانعدمت فيها وسائل العيش واشتدت حرارة الجو مع حرارة الأسعار، وزرعت على أرضها الأحقاد وسطوة المتنفذين الذين استباحوا كل شيء فيها.
لن أطيل عليكم ولن أغمكم أكثر، فما ذكرته ما هو إلا غيض من فيض، وبرغم الصورة الكئيبة التي نعيشها وشظف العيش الذي نقاسيه، والخوف الذي ينتابنا من المجهول، إلا أنني أرى أن بعد العسر يُسر، وأن بعد الضيق فرج:
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ** فرجت وكنت أظنها لا تفرج.
الأمل بالله كبير، والأمل بقدرة شعبنا على الصبر، وقدرته على تجاوز الصعاب، وإحداث التغيير المنشود وإقامة نظامه الجديد، رغم كل المعوقات "وكلي أمل".
ويا قافلة عاد المراحل طوال ×× وعاد وجه الليل عابس.
ولكن لابد لليل من نهاية.