أصبح الوطن ساحة حرب مفتوحة على جميع الأطراف، بعضنا يقتل بعضاً، أزمات تتوالى، وكوارث لا تنتهي بدءً من ارتفاع الأسعار وانتهاءً بانعدام الوقود وانطفاء الكهرباء المتكامل ليلاً ونهاراً.. إلى ماذا تطمحون؟ أتريدون أن تطفشونا من هذه البلاد؟ من له المصلحة في قهر هذا الشعب المظلوم والمواطن البسيط؟! كل طرف يتعذر على الآخر.. الحكومة تقول فجرتها المعارضة، و المعارضة تقول فجرتها الحكومة والشعب ما عرف من غريمه.. نرى حالنا كل يوم يمضي إلى الأسوأ، ما أن نخرج من أزمة لندخل في أخرى وما أن نخرج من مصيبة حتى ندخل بمصيبة أكبر منها وأعظم، ما بين غلاء، و فقر، ومرض، وبطالة، واعتقال، وخطف، واغتصاب، وتهريب، وفساد، وظلم.
لم نعد نسمع إلا انفجار صاروخ هنا وقذيفة هناك، معركة في تلك المحافظة و مواجهات في الأخرى وإبادة جماعية في المحافظة المجاورة وسقوط الضحايا ما بين قتلى وجرحى ومفقودين!! والشيخ الفلاني أطلق النار على المحطة الفلانية، لأنه لا يريد أن ينتظر في الطابور، فيقوم بإفزاع المساربين حتى يلوذوا بالفرار وينفرد هو بالمحطة ووصلت إحدى المرات أن قام احدهم بفتح قنبلة وتهديد بتفجيرها إن لم يعبئوا له، فما كان من المتواجدين إلا أن تطايروا بعيداً، تركوا كل شيء ورآهم، فالحياة أغلى من ألف دبة بترول أو ديزل.. وبعض سائقي المركبات من تجار الأزمات يقومون بتعبئة سيارتهم من المحطات ومن ثم الخروج لبيعه بأسعار مضاعفة في السوق السوداء.. ويقول أيش.. هذه تجارة، والتجارة شطارة!! ونحن نقول له هذه حقارة واستغلال للوضع الإنساني الصعب الذي نعيشه كلنا على حد سواء!، هذا الشعب المسكين يصنع الأزمات بنفسه ويكيل البعض بمكيالين، يحاول الاستفادة قدر المستطاع ويصنع الأزمة ليكون هو المستفيد الأول مثل المسؤولين المفسدة كجهنم، هل من مزيد؟!
منذ متى صار الوطن ثكنات عسكرية؟!! ونقاط تفتيش هنا، وهناك؟، ومجاميع مسلحة تنشر الذعر والخوف بين الأهالي العُزل؟!على مرأى ومسمع من الجميع؟، منذ متى صار بعض المتعجرفين من الناس يخرجون بأسلحتهم وبنادقهم وذخيرتهم يتجولون في الشوارع ووسائل النقل غير عابئين بقانون حظر السلاح في المدن والشوارع العامة، منذ أن قامت حملة التوعية وقطعت شوطاً كبيراً في توعية الناس بخطر حمل السلاح وما يؤدي إليه من عواقب وخيمة، الآن نبدأ من الصفر بتوعية الناس من جديد، لا سما أنهم بطيؤ الفهم والاستيعاب!!. ولم يكن ينقصنا إلا تنظيم القاعدة الذي ظهر في وقت خاطئ تماماً وزاد الطين بله، من يقتل هؤلاء؟ ومن يحاربون؟! من أين جاءوا؟ وماذا يريدون؟! إنهم بعض المتشردين الصابئين القتلة، عديمو الأخلاق والإنسانية الذين يدَّعون معرفة الله وهم في الحقيقة بعيدين عنه كل البعد وعن تحريمه لقتل النفس المحرمة إلا بالحق، إنهم مجموعة من حثالة البشر الذين لا يردعهم دين ولا عقيدة شردوا مئات الأسر عن ديارها ويتموا الأطفال ورملوا النساء وقتلوا شهدائنا أبطال القوات المسلحة الذين تصدوا لهم بأرواحهم ، وحتى الأبرياء من سكان محافظة أبين الطيبين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الحرب الظالمة لم يسلموا منهم.. والعجيب أن الدولة والجيش المجندل والمجهز ـ من وإلى ـ لم يستطع التصدي لهذه المجموعة الإرهابية وإبادتها عن بكرة أبيها واجتثاثهم من وطننا إلى الأبد، لأنهم ببساطة مشغولون بقتل وتفجير وإرهاب البلاد والعباد من المواطنين اليمنيين العُزل الذين لا دخل لهم في حرب الأحزاب وصراعاتها وإنما يريدون التغيير وليس القتل والخراب.
إن الجيش اليمني المحترم يسعى إلى تدمير آخرما تبقى من معالم المدينة الحديثة في محافظة تعز وأرحب وغيرها.. إلى من الشكوى إذا كان "حاميها حراميها"؟!
إن قلوبنا تقطر دماً على هذا الوطن الذي لم يذق طعم الراحة، وعلى هذا الشعب الذي يتجرع كل ألوان العذاب ويجر أذيال الخيبة على مرأى ومسمع من الجميع، لماذا مبدأكم في التعامل هو (نفسي نفسي يا رب) وكأننا في يوم القيامة! إنه لمن المخزي ومن العار أن نكون هكذا.
لماذا لا نكون يداً واحدة.. حكومة ومعارضة وشعباً؟! لماذا لا يصلح كل واحد من نفسه ويخلص في عمله ونيته حباً لوطنه؟! ويقدم مصلحة الوطن فوق كل مصالحه الشخصية؟، هل تستطيع أن تفعل هكذا يا أبو يمن حتى نخرج من الأزمة؟ أم إنكم تعشقون الفساد ويجري في عروقكم كما تجري الدماء؟!
إذا عملنا هكذا فسوف نخرج الوطن من باطن الضياع، ليعود إلى حالة الاستقرار والتوازن. أثبتوا مرة واحدة لهذا الوطن صدق وطنيتكم..
لماذا دائما نتألم للآخرين عندما نكون أناساً عاديين ونحس بألآمهم ومشاكلهم وقضاياهم؟،ونحاول مساعدتهم بقدر المستطاع، وعندما نعتلي أي كرسي في الدولة ونصبح في صفوف المسؤولين لا نعرهم اهتماماً؟! إن هذا لمثير للغرابة والكآبة بنفس الوقت.
عندما يريد أحدهم منصباً ما، فإنه يتعهد ويقسم أن يعمل كذا وكذا وكذا، وما أن يصعد على الكرسي حتى ينسى وعوده وقيمه وأخلاقه فيلتفت لنفسه ويصب جل تفكيره حول مصلحته ومصالح المقربين منه وينسى أولئك الذين وثقوا فيه وأعطوه ثقتهم وأصواتهم، وينسى محاربته للظلم ومساعدته للمستضعفين...