في "13" يناير 86م تشرد العديد من أبناء محافظة عدن، إذ قصفت منازلهم ودُمرت وكانت أسرتي واحدة من تلك المجاميع الذين اجبروا على ترك منازلهم حفاظاً على أرواحهم وعلى الرغم أننا كنا نملك كل شيء ولم نكن نتوقع أن نحتاج لأي مساعدة، إلا أننا فقدنا كل شيء وبلمح البصر ولم نجد حتى مأوى لنا في البداية، ولم تنس أسرتي أبداً حتى الآن ذلك الرجل الشهم وعائلته الذي فتح لنا مسكنه وبعد أن هدأت الأمور استطعنا أن نقف على أرجلنا من جديد وبدأت الأحوال تعود، كما كانت عليه سابقاً.

 ما أردت أن أقوله هنا بات الإنسان في لحظة الشدائد يحتاج إلى من يقف إلى جانبه ويمد له يد العون، والذي جعلني أتذكر كل ذلك "عفواً فنحن لم ننسِ ذلك" ابداً ولكني كتبته لكم، لأنه بالأمس دق باب منزلنا رجل "هذا حقيقي وليس من نسيج الخيال" هذا الرجل بدا على محياه الوقار، على الرغم من الضعف والوهن اللذين كانا باديين على وجه، سألته عن هويته أخبرني باسمه وبأنه من النازحين الذين تركوا مساكنهم وراءهم وأيضاً أعمالهم وحالهم ومالهم من أجل البقاء على حياة عائلاتهم، رحبت به فقال لي لم أتِ طلباً لمساعدتي شخصياً، فأنا والحمدلله استطعت أن أوفر لعائلتي المأكل والمشرب ولكن هناك اُسر لم تحصل على الطعام والشرب ولم تصلها أي مساعدات على الرغم من سماعنا بأن هناك مبالغاً صرفت للنازحين، قلت أين تقيمون قال في مدرسة العبادي ولم آت إلى هنا إلا عندما عجزت عن رؤية الأُسر الجائعة وأنا لا استطيع أن أقدم لها شيئاً.

لا تظني بأننا متسولون، فنحن كنا معززين مكرمين في منازلنا لا ينقصنا شيء ولكن الظروف هي التي اضطرتنا لمواجهة هذا القدر المحتوم ولا نملك إلا أن نقول الحمدلله على كل ما جاء ونشكره على كل شيء وأنا أعلم بأن الظروف القاهرة هي التي تجعل المرء يحتاج إلى الغير.

قاطعني قائلاً: للتأكيد بأني أقول الصدق أريد منك أن تذهبي إلى هناك لتشاهدي بأم عينيك وقد فعلت ذلك لاحقاً ورأيت العديد من الأُسر التي تحتاج إلى منْ يمد لها يد العون والمساعدة وعلينا أن نقف إلى جانبهم ونساعدهم على تخطي هذه الأزمة المؤقتة التي يمرون بها.

وهذه فرصة لأناشد أهل الخير وأصحاب الأيادي البيضاء من أجل مساعدة هؤلاء، وأيضاً أناشد الأستاذ/ عبدالعزيز بن حبتور ـ رئيس جامعة عدن بالنظر بعين الرحمة إلى أبناء محافظة أبين وإعفائهم عن امتحانات القبول نتيجة "ظروف التي يمر بها أهالي هذه المحافظة، فهم لا يستطيعون الدخول أو الخروج من المحافظة. وأنت تعلم يا دكتور بالأوضاع، فالرجاء كل الرجاء ألا تحرم أبناء هذه المحافظة من تحقيق حلمهم بالالتحاق بالتعليم الجامعي وإن كانت الظروف قد منعتهم من ذلك.

فلا تحرمهم من ذلك حتى لا تكون والزمان ضدهم ولك جزيل الشكر والاحترام.