)الشعب اليمني العظيم ) جملة مألوفة لدى المواطن اليمني وراسخة في عقله وأذنه وقلبه وكل جزء منه وذلك بسبب كثرة سماعها من أفواه حكامه الذين تعاقبوا على حكمه منذ قيام الثورة في ستينيات القرن الماضي حتى اليوم.
"أيها الشعب اليمني العظيم" جملة يستهل بها هؤلاء الحكام خطاباتهم عند مخاطبة شعبهم ، فعلا إن الشعب اليمني عظيم بتاريخه الثقافي الحضاري الذي تبينه اليوم بجلاء الشواهد الكثيرة المتناثرة على رقعة الوطن والتي ظلت وستظل محل إعجاب ومصدر إبهار لكل زائر لليمن ولكل باحث في التاريخ اليمني بكافة مراحله، شعب عظيم بصبره الأيوبي على حكامه وتحمله الأسطوري لظلمهم وأخطائهم وتجاوزاتهم وكذبهم وزيفهم الأبدي ، شعب يعد من أعظم شعوب الدنيا صبراً والأكثر تحملا لطغيان حكامه وجبروتهم ودكتاتوريتهم وأكثر الشعوب تعرضاً للويلات والبلاوي من تجويع وتفجيع وتركيع ،شعب استباح فيه حكامه ومارسوا عليه كل أنواع الذل والهوان.
إن الإنسان اليمني منذ قيام ثورته أي منذ نصف قرن تقريبا لم يعش يوما هانئا ولم يذق للسعادة طعماً ولم يشعر يوما واحدا في حياته بالأمان والطمأنينة وراحة البال، فنصيبه دائما الشقاء والغوص في مشاكله المصنوعة من قبل من يحكمه وإبعاده عن التفكير في المستقبل والنظر إلى القادم بعيون الأمل والتفاؤل، شعب عذبه حكامه أشد عذاباً وجوعوه وأشبعوه جوعا وأفقروه وجعلوه في طليعة فقراء العالم وأذلوه وأهانوه كثيرا وجرعوه من كؤوس مرارتهم ما لذ وطاب، مارسوا عليه هوايتهم في التركيع والإذلال وجعلوا منه سلماً للوصول إلى غاياتهم وجسراً لتخطي أزماتهم ومحطات فشلهم وشماعة لتعليق أخطاءهم وإخفاقاتهم الدائمة عليها، لم يقدموا له ما يستحق من رعاية واهتمام على اعتبار إن كلكم راع وكل مسئول عن رعيته، فكل ما فعلوه له هو الترديد على مسامعه مرارا وتكرارا ومخاطبته بالشعب العظيم.
فبسبب ما تعرض له الشعب اليمني وما ذاقه من عذاب ومعاناة مختلفة الأصناف والإحجام جعلته شعباً بائساً فقيراً ومن أكثر شعوب العالم فقراً وحولته من شعب عظيم بالفعل شعب ذو تاريخ وإرث حضاري عريق إلى بقايا شعب عائش تحت وطأة فقر مدقع وأخطار اجتماعية واقتصادية لا حصر لها محدقة به من كل الاتجاهات والزوايا، شعب تاهت خطاه في دروب العذاب والمعاناة يخطو بتوهان شديد وبعيون حائرة صوب مستقبله المجهول.
الشعب العظيم أنهكته المشاكل والأزمات والحروب وأرهقه البحث المضني عن السعادة والجهد الكبير بحثاً عن العيش الكريم ، شعب أثقلت كاهله الشعارات الحنانة الرنانة وعاثت في جسده المنهك أيادي حكامه وحواشيهم من المتنفذين الفاسدين فسادا ونهبت خيراته وثروات أرضه "بره وبحره" وامتصت دمه تلك العصابة التي لم تتقِ الله فيه وتخاف عقابه الشديد.