ليس المهم أن ننسى.. المهم أن لا نحفظ لهم في أعماقنا ذكريات مظلمة تخمد إستمرارية الحياة في نفوسنا .. عندما نترقب شمس الفرح بعدهم فلا تشرق، فهل سننسى؟، عندما نوهم أنفسنا أن الغد الآتي بعدهم سيكون أفضل.. ولا يكون .. هل سننسى؟، عندما نحاول الهرب منهم، فلا نهرب إلا إليهم، فهل سننسى؟، عندما نتصفح دفاتر ذكرياتهم فلا نجد سوى حكاياتهم .. فهل سننسى؟، عندما ننظر للوجوه حولنا فنراهم في كل الوجوه، هل سننسى؟، عندما ننصت للجميع ولا نسمع سوى نغم أصواتهم، هل سننسى؟ وكيف ننسى عندما نمسك أقلامنا لنكتب فلا نكتب سوى ليقرأوا هم حروفنا؟، عندما تمتلئ أعيننا بالدموع ولا نبكي سوى شوقاً إليهم كيف ننسى؟.
عندما نزور الأطلال، فلا نجد سوى ما تركوا لنا من ذكريات .. كيف ننسى؟، عندما نشعر أن الوجود غاب ولا نحس إلا بغيابهم .. كيف ننسى؟، عندما يعتصرنا الألم فلا نحتاج سوى إليهم .. كيف ننسى؟، عندما تخنقنا الدموع .. ولا نرقب سوى أطيافهم .. كيف ننسى؟، عندما نتلو كلمات رقيقة تجعلنا نحن إليهم .. كيف ننسى؟
عندما يعصف بنا المرض فلا نفكر إلا فيهم.. كيف ننسى؟، عندما تسألنا عنهم عيوننا كل صباح ومساء .. كيف ننسى؟، عندما نشم رائحة وجودهم يعبق في صدورنا رغم غيابهم .. كيف ننسى؟، عندما نحلق على أجنحة الخيال فلا يكون تحليقنا سوى باتجاههم .. كيف ننسى؟ عندما نحس أننا سئمنا الحياة بعدهم وقابلياتنا لها توقفت.. كيف ننسى ؟، عندما نزرع الورد لنملأ به حدائقهم .. كيف ننسى؟، عندما يضيق بنا الكون على رحابته ولا يتسع سوى لأحلامنا بهم .. كيف ننسى؟، عندما نسير على الشاطئ اللا متناهي فلا ينتهي السير إلا أمامهم .. كيف ننساهم؟، عندما نغمض أعيننا فلا نرى في ظلمة خيالنا إلا أطيافهم .. كيف ننسى؟
عندما نحاول إختراع الصدف.. كي نلتقيهم .. كيف ننسى؟، عندما نحاول أن نعيد الزمان للوراء لنعيد عهدهم .. كيف ننسى؟، عندما نتمنى أن تتكرر الأيام لنستعيد رحيق أيامهم.. كيف ننسى؟ عندما ننظر في أعماقنا، فلا نجد سوى آثارهم .. كيف ننسى؟، عندما نحلق كالخيال فلا يهبط بنا الخيال إلا في أرضهم.. كيف ننسى؟، عندما نبحر فوق أمواج الشوق، فلا تلقي بنا الأمواج إلا على شواطئهم..
كيف ننسى؟، عندما يسرقنا النسيان من كل شيء في الدنيا سواهم.. كيف ننسى؟.
وقبل أن نفيق على صدمة غيابهم عند الصباح بعد انتهاء الحكايات.. جميل أن نتذكرهم
لكن الأجمل.. أن نحاول النسيان بعد أن أرعبتنا ظلمة المساء، لو عرضوا النسيان يوماً للبيع.. فكم واحد سيبادر لشرائه يا ترى؟!.
