عدت كعادتك يا شهر الصيام والصلوات والصدقات ومنا الكثير من كتب له الله عمراً ليشهد عودتك ومنا الكثير أيضا قضوا نحبهم ولم يكتب لهم نيل ذلك الشرف ،عدت يا رمضان يا شهر القرآن والإيمان ونحن نختلف عما اعتدنا سنوياً، عدت ونحن مأزومين مهزومين محبطين.
استنزفتنا وأزمتنا وهزمتنا أزمة الستة الشهور المنصرمة وأرهقتنا الأزمات الناتجة عنها، جئت وأطليت بطلعتك البهية وروحانيتك ونحن في وضع مختلف، وضع صعب نحسد عليه يرثى لنا منه العدو قبل الحبيب، وضع فشلنا في التغلب عليه بعد أن استهلكنا كل ما نمتلك من طاقة في محاولاتنا اليائسة في مواجهته والتغلب عليه واليوم لم يعد فينا حيل لتكرار محاولاتنا تلك، فكلنا يا رمضان أصبحنا بفضل تلك الأزمة وذلك الوضع العام الذي تعيشه البلد ضعفاء أذلة، مهانين, أذلاء أذلنا إصرار وعناد البعض من قادتنا على إذلالنا برفضهم استغلال منافذ الخروج من الأزمة التي أتيحت لهم في أوقات مختلفة من عمر الأزمة، مهانين أهاننا من أصيبوا بتخمة العيش عندما تعمدوا إلحاق الضرر بنا وبحياتنا وذلك لتطاولهم على مصادر عيشنا وأدوات بقائنا على قيد الحياة عائشون على رقعة هذا الوطن النازف بشرف وكرامة.
أهانونا لأنهم لم يحترموا حقنا في العيش بشرف، كرامة عندما وصلوا إلى كميات الطعام القليلة التي نتناولها بعد الحصول عليها بصعوبة كبيرة وحالوا بينها وبين وصولها إلى أفواهنا وأفواه أطفالنا عندما قاموا برفع أسعارها إلى مستوى جنوني لا يطاق ،أذلونا لأنهم وضعونا في طوابير طويلة ولأيام طوال ننتظر البترول والديزل والغاز، أذلونا وأهانونا عندما جعلونا نكتوي بجحيم الصيف، نحن وأطفالنا ونساءنا وشيوخنا والمصابون مننا بإمراض السكر والضغط وووالخ.
جئت يا رمضان ونحن لسنا هولك الذي تعرفنا من قبل، نفرح لمجيئك ونستعد لاستقبالك ونسعد لدخول أجواءك والاستمتاع بروحانيتك وعظمتك، جئت وقد منينا أنفسنا لو أنك تأخرت قليلا عن موعدك هذه المرة حتى تنقشع غمامة البؤس المخيمة على الوطن وتتبدد سحب الإحباط واليأس والبؤس الباسطة سماء واقعنا والحاجبة عننا رؤية حقيقة ما ينتظرنا.
عدت يا شهر الخير والبركة كعادتك ولكننا نحن لسنا كعادتنا بل أناس آخر غير من عرفتهم والفتهم، أناس محبطون يائسون نعيش يومنا بصعوبة لا توصف، ننام خائفين من طلوع شمس اليوم التالي لإحساسنا بما يخبيه لنا يومنا الجديد وما يتطلب مننا للتعاطي معه وأي جهد مطلوب مننا بذلة لتمضية ساعاته ورميه في سلة أيامنا الماضية، ننام ونحن نفكر في طريقة جديدة ومصادر جديدة تمكننا من الحصول على ما يساعدنا على توفير متطلبات بيوتنا وقوت أسرنا وحليب أطفالنا ودواء مرضانا عدت يا رمضان هذه السنة ونحن مختلفون عما عرفتنا، فاعذرنا إن لم نحتفي بك كعادتنا وإن لم نستعد لاستقبالك كما تعودت مننا، أعذرنا على كل ذلك وأهلاً وسهلاً بك على كل حال واللهم بلغنا أيامك ووفقنا في صيامك وصلاتك وقيامك.
أحمد بوصالح
رمضان لسنا نحن الذين عرفتنا 2718