أنا رمضان، أنا الشهر الذي اختارني ربي لمنزلتي عنده لنزول وحيه إليكم جميعاً، فقد نزلت التوراة والإنجيل وصحف إبراهيم وموسى والقرآن الكريم في وقتي وليس في شهر آخر، وقد أكرمني ربي سبحانه وتعالى بعدة عطايا، ففي وقتي ينزل العفو وتوزع المغفرة ويبسط الجود ويعتق الناس من العذاب وتُكبل الشياطين وتنتشر الملائكة.
وأنا أريد أن أذكركم بأربع وصايا ولن تفوزوا بي إلا إذا عملتم بها وهي:
الوصية الأولى: تذكروا أنكم أحياء والحمد لله ولستم أمواتاً، فكم من أناس ماتوا هذا العام قبل أن يدركوني وكانوا يتمون لو أنهم أحياء ليغتنموا فرصة العفو والتوبة والمغفرة، ولكن إرادة الله سبقت إليهم، فهل تدركون هذه النعمة؟.
الوصية الثانية: يسمونني أحياناً شهر المكاشفة، أتدرون لماذا؟ لأني أكشف حقيقة النفوس المريضة، فكل الناس إذا فعلوا ذنباً من الذنوب يتعللون بالشيطان ويدعي معظم الناس أن الشيطان كان سبب معاصيهم، ولكن في زمني تصفد الشياطين، فما هي مبررات الذنوب؟ إنها النفوس الشريرة، فكل واحد منكم ليس له عذر بين يدي الله في فعله للمعاصي في رمضان، لذلك كان الشيطان صادقاً رغم أنه كذوب بطبعه حين قال لأهل النار يوم القيامة "فلا تلوموني لوموا أنفسكم"، لذا أرجو أن يقوم كل واحد منكم بمراقبة نفسه وحسابها حساباً دقيقاً لقوله صلى الله عليه وسلم "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم".
الوصية الثالثة: هل تعبدوني أنا أم تعبدون الله؟ طبعاً كلكم ستجيبون نحن نعبد الله، هذه هي الإجابة الصحيحة، لأنني لست سوى ضيفاً عليكم سأذهب وأمر وأمضي كما تمضي بقية الشهور، ويبقى الله، فأرجو منك أن تفهم أن رب رمضان هو رب كل الأشهر دون استثناء، فلماذا تتغيرون؟، ولماذا تكونوا في أتم الطاعة في شهري ومن ثم ترجعون إلى سابق عهدهم في الأشهر الأخرى؟، فأنا أتذكر يوم مات الرسول عليه الصلاة والسلام وقف أبوبكر رضي الله عنه يقول للناس صراحة: "أيها الناس من كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت" وأنا أيضاً أقول لكم "أيها الناس من كان يعبد رمضان فإن رمضان سيفوت ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.
الوصية الرابعة: البعض يظن أنني نهار فقط، فأرى البعض منكم يعبدون الله نهاراً على أحسن حال، فإذا جاء الليل قضاه في السهرات والحفلات وكأن الليل للشياطين والنهار للملائكة؟! وهذا خطأ فادح، فليلي أعظم من نهاري ويكفي أن تعرفوا أن القرآن نزل بالليل وليس في النهار والفارق عندي أن عبادة النهار هي الامتناع عن الشهوات، أما عبادة الليل فهي مداومة الطاعات.
ختاماً.. اسأل الله أن ألقاكم وهو راضٍ عنكم وأعود إليكم وأنتم على طاعته أعواماً عديدة.
كروان عبد الهادي الشرجبي
أنا رمضان ....... 2119