لقد وهبنا الله الحياة ويسر لنا التعايش مع الظروف والأحوال والأزمات، فكانت ركائز البقاء متعددة المقامات، فمنها الإيماني ومنها الجسماني، ووجهنا المولى القدير المتعالي إلى أن التكاتف والتعاون الجماعي من شأنه القوة وشدة البأس، وصولاً إلى الصبر والثبات.
فالحياة كانت ومازالت جميلة بالإيمان ورائعة بالمعاناة وإن كنا نطلبها، لا نتمناها، والعجب كل العجب لأمر المؤمن الذي يكسب في حالتي الربح والخسارة والله يرعاه حين يلقاه يوم القيامة، فتكون له جنة عرضها السموات والأرض.
وهاهو شهر رمضان يهل هلاله على الأمة الإسلامية في وقت نحن فيه أحوج ما نكون إلى مقاصد الصبر ومعانيه الإيمانية العذبة.
ويعد الصبر من أبرز الأخلاق القرآنية التي عنى بها القرآن، فكان أكثر خُلق كرر وذكر في القرآن، حيث يقول الإمام الغزالي: "ذكر الله تعالى الصبر في القرآن في نيف وسبعين موضعاً".
وترجع عناية القرآن البالغة بالصبر إلى ما له من قيمة دينية وخُلقية كبيرة، فليس هو من الفضائل المكلمة، بل هو ضرورة لازمة للإنسان، ليرقى مادياً ومعنوياً، ويُسعد فردياً واجتماعياً، فلا ينتصر ديناً ولا تنهض دنيا إلا بالصبر، فالصبر ضرورة دنيوية كما هو ضرورة دينية ولا نجاح في الدنيا ولا فلاح في الآخرة إلا بالصبر.
فشهر رمضان يشتمل على أنواع الصبر الثلاثة وهي:
- الصبر على الطاعة.
- الصبر على أقدار الله.
- الصبر عن المعصية.
ألا ترى أننا نصبر على الجوع والعطش والتعب، ونصبر على أذى الناس وتصرفاتهم وأخلاقهم السيئة، فلولا الصبر ما استطعنا أن نرقى بديننا الإسلامي، فالصبر يعلمنا ويعودنا على تأدية الطاعات والعبادات ويبعدنا عن المعاصي والآثام ويعزز المعاني القلبية الإيمانية وينمي الأخلاق الإسلامية سلوكياً.
فمن أعلى مراتب الصبر قيام المسلم على تربية نفسه وتحسين الأداء الشخصي على المستويين الفردي والجماعي، فلولا صبر المزارع على البذور ما حصد، ولولا صبر الطالب على درسه ما تخرج، وهكذا فإن كل الناجحين في الدنيا إنما حققوا آمالهم بالصبر واستهانوا بالصعاب ولم يبالوا بالمعوقات، مدرعين بالعزيمة، مسلحين بالصبر.
ونجني كذلك بالصبر ثمرات لا تقدر بثمن، فبالصبر يثقل الميزان بالحسنات ويجعل جميع متقلبات الحياة –خيرها وشرها- أجراً وثواباً، بالصبر نبني المهارات الشخصية ونؤسس قاعدة صلبة في بناء الطاعات والمشاريع الدعوية والمناعة ضد الانزلاق والسقوط، وبالصبر تشكل العلاقات الاجتماعية المتماسكة وتؤكد عملية التواصل المستمر بين الناس.
• أحلى الكــــلام:
أهلاً بريحك تأتينا
يا أكرم الأضياف في وادينا
في كفك الخيرات تغمر أراضينا
نفحات فجرك بالندى تروينا
كروان عبد الهادي الشرجبي
شهر الصبر ..... 2363