انتهت كل المهل التي حددها الثوار للنظام واستنفذت كل الفرص التي منحوها إياه بضرورة نقل السلطة سلمياً، حيث تعامل النظام أو بقاياه معها بإذن من طين وأذن من عجين بل وزاد من قمعه للثوار وقتل كل فرص الخروج من ألازمة التي وضع البلاد فيها برفضه مطالب الشعب التي تطالبه وعلى مدى أكثر من ستة أشهر متتالية بالرحيل.
فكل المؤشرات منذ البداية وخصوصا منذ انطلاق قطار المبادرة الخليجية وبدء مارثون التفاوض حول تنفيذها كانت توحي بوجود خطة مدروسة من قبل مطبخ النظام، تهدف إلى المماطلة وإطالة عمر الثورة وتأخير حسمها وبالتالي تنفيذ أجندة أخرى ليس أقلها تفتيت وحدة الشباب وزرع الفتنة بينهم وبكل أسف نجح النظام في الأولى وفشل في الثانية ولا ينكر أحد أن ثمة عوامل ساعدته في نجاح الأولى من أبرزها انجرار أحزاب اللقاء المشترك خلف الخيار التفاوضي الذي عرف النظام كيف يجيره ويسخره لتنفيذ أهدافه المبيتة ضد الثورة الشبابية السلمية، أضف إليه موقف الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الذي صب جميعه في مصلحة النظام ناهيك عن الموقف الدولي الذي يمثلانه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي.
هذا الموقف الغريب العجيب الباعث للحيرة والشك في واحديه وثوابت مواقف تلك الدول التي تعاملت مع ثورات مشابهه مثلا في مصر وتونس وليبيا وسوريا بصرامة وتشدد إلى درجة فرض قرارات فردية وقرارات دولية تجاهها.
كل تلك الأسباب مجتمعه جاءت في مصلحة النظام الذي تهاوى في زمن قياسي وأنقذته من الرحيل وأطالت عمره بل وزادته قوة ودفعته للتعامل مع خصومة في ساحات التغيير والحرية بقوة مفرطة وتشديد قبضته على مفاصل الحكم وبالذات الوحدات العسكرية والأمنية وتوجيه كل إمكانياتها إلى صدر الشعب وتنفيذ سياسة إفقار وتجويع شديدة الأثر سلباً على شعبه من خلال التلاعب بالمشتقات النفطية ورفع أسعار المواد الغذائية وإخلا المحافظات من الوجود العسكري والأمني وإدخال البلاد في فراغ شبه كامل من وجود الدولة بغية ضرب الشعب ببعضه والدخول في حروب قبلية على طريق بدء الحرب الأهلية الذي توعد رأس النظام شعبه بها في بداية الثورة.
واليوم وبعد مرور تلك الفترة الطويلة من عمر الثورة وطول فترة انتظار الحسم ودخول البلاد في مرحلة انهيار كامل وعلى كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها الذي بدا جليا اليوم أكثر من أي وقت مضى ومع ازدياد قبضة بقايا نظام صالح بالسلطة في ظل تراخ وتجاهل عربي ودولي تجاه ما يحدث للشعب اليمني على أيديهم ترى ماذا بقي في أجندة الأخوة في تكتل اللقاء المشترك، الذين فشلوا في تجريب معظم خططهم السياسية مع النظام من خطط لم يجربوها من قبل وماذا لديهم يقدموه للشعب والثوار كبديل وتعويض عن وقتهم الثمين الذي استنزفه المشترك في طريق التفاوض؟.
اليوم بعد مضي نصف السنة تقريبا والثورة محلك سر والنظام كما هو لم يتزحزح ولم يغير من طرق تعامله مع الثورة ترى ماذا لدى القادة الشباب في ساحات الحرية والتغيير؟ وماذا عن مجلسهم الانتقالي الذي تكفل رفاقهم في الساحات (المشترك) بإجهاضه قبل مولده ووأده في مقبرة الانفراد بالقرار والسلطة الثورية المطلقة؟.
كل تلك أسئلة .. الشعب بحاجة لإجابات شافية عليها في القريب العاجل، ورمضان كريم وكل عام وانتم بخير.
أحمد بوصالح
نزيف الوقت والأسئلة الملحة 2716