الرئيس/ صالح انتهى عهده يوم 3 يونيو وبطريقة مأساوية لم يكن يتوقعها أحداً، من يعتقد أن علياً بعد حادثة جامع النهدين مازال هو علي ذاته الذي حكم البلاد منذ ثلاثة عقود ونيف أظنه خاطئاً، فمن يقاوم الثورة الآن هم بقايا حكمه الطويل، بدءاً بأولاده وأقاربه وسدنته وزبانيته المقربين من مركز القرار.
في جميع الأحوال صالح لم يعد سوى شماعة تُلقى عليها سوءة بقايا نظامه، الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس هي من يقتل وينهب ويعبث ويكذب ويقاوم بشراهة، لا أحد من هؤلاء سيرضخ ويذعن لمسألة رحيل صالح عن السلطة، فبكل تأكيد هم اليوم من يحكم ويصرف شؤون البلد وليس النائب/ عبدربه أو حكومة تسيير الأعمال، فهذه الفئة ستقاوم الثورة وأية محاولة من شأنها تغيير النظام، فوجودها رهن عودة الرئيس صالح إلى كرسي الرئاسة وليس مغادرته بانتخابات رئاسية أو مبادرة خليجية أو ثورة.
قبل انتخابات الرئاسة 2006م وتحديداً في ذكرى الجلوس 17 يوليو 2005م قال صالح: أنه لن يرشح نفسه، سنة كاملة واليمنيين في خضم جدل سفسطائي عقيم حول كذبة رئيسهم التي لم تشغلهم لوحدهم فقط، ولكنها تمددت وانتشرت إلى الجوار والعالم، فمن أعاده إلى وسط حشوده في السبعين؟ ألم تكن هي الدائرة ذاتها التي تحاول الآن إعادته من الرياض إلى صنعاء؟.
نعم، الرئيس هو ذاته الذي نكث بوعده.. ونعم، هو نفسه الذي نفض عن وجهه الحياء وكأنما لم يقل شيئاً، ولكن تذكروا أن الرئيس لم يعد رئيساً لبلد وشعب وحزب اسمه (المؤتمر) مثلما كان وقتئذ، بل أننا نتحدث عن رئيس من الزمن الماضي.
فمن الناحية الدستورية السلطة انتقلت إلى النائب/ عبدربه ووفق نص دستوري، فالمادة 116 من الدستور اليمني: "في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى مهام الرئاسة مؤقتاً نائب الرئيس لمدة لا تزيد عن ستين يوماً من تاريخ خلو المنصب، يتم خلالها إجراء انتخابات جديدة للرئيس".
ولكن المعضلة لا تتعلق هنا بالدستور أو الثورة الشعبية التي هي أساس الحكم والمصلحة في جميع التشريعات، بل المسألة تتعلق ببقايا نظام ذهب رأسه وبقي جسده وجلده يخيف به ويقتل ويفتك ويقمع ويروم إلى استعادة رأسه وعافيته مهما كلفه الأمر من تضحية ومقاومة.
نحن للأسف إزاء قلة قليلة من المقربين والمتنفذين الذين لن يتورعوا من مواجهة الثورة الشعبية وبكل الطرق والأساليب المعتادة، فمن يقاوم اليوم ليس علي عبدالله صالح العليل والعاجز عن مهامه منذ أكثر من شهرين، وإنما هم بقايا نظامه الذين أجبروه على الظهور بتلك الصورة المسيئة جداً له وهو الرئيس النرجسي الذي لا يقبل على نفسه الظهور بذاك الشكل المهين لكبريائه وغطرسته.
من يرفض مبادرة الخليج في الوقت الحاضر ليس صالحاً، وإنما ولده وأقرباؤه وبقايا حكمه؟، من يواجه الثورة الشعبية الآن ليس علياً الفاقد القدرة والأهلية، بل هم نفر من شلته التي لم تستسلم بعد، من يدير دفة البلد في هذه الظروف الصعبة والحرجة ليس الرئيس أو سدنته، بل الله والناس الطيبون الصابرون، من يدمر البلد ومقدراته ومن يعبث ويقتل وينتهك الحرمات هم بقايا النظام، أما رأس النظام فقد ولى وأدبر وهو الآن أداة طيعة بيد هؤلاء الأبناء والموالين الممسكين بزمام السلطة منذ وقعت الواقعة.
محمد علي محسن
الرئيس عندما لا يكون رئيساً 2367