في ظل المواقف العربية والضغوط الدولية والإجماع العام لغالبية الأطراف والقوى اليمنية الداعمة لمطالب شباب الثورة وحرصها على ضرورة بل وحتمية إنجاح الثورة، تعود بعض من الأحلام اليمنية إلى أدراجها في القلوب اليمنية الباحثة عن وميض من تلك الحكمة اليمانية الداعية إلى تجاوب رئيسهم الجريح في جارتنا الجائرة.
مع كل تلك الضغوط الدولية والإقليمية غير المسبوقة، الضاغطة بقوة عليه لنقل السلطةـ ووسط كل تلك المتغيرات الداخلية والخارجية المساندة للثوار، ينبري سؤال عقلاني أكثر إلحاحاً هذه المرة من أي وقت مضى، مفاده هل سيفعلها صالح بجد هذه المرة ويغلب لغة العقل والمنطق ويوقع على المبادرة الخليجية ولو من باب العمل بوطنيته المزعومة منذ 3 عقود مضت وتأكيداُ على حرصه الوطني على تجنيب بلاده وشعبه المسحوق ويلات الفقر والقهر ومآسي الحروب و نتائج العقاب الجماعي التي يعيشها منذ قرابة سبعة أشهر ماضية، ويسمح له بالمضي قدماً في نقل السلطة لنائبه هذه المرة؟ وفقا لمقتضيات المبادرة الخليجية المدعومة دولياً؟ سيما وأن العوامل الطارئة على المشهد اليمني تصب جميعها في صالح ضرورة تجاوبه مع لغة العقل ومنطق النصح العقلاني وعدم التعالي والاستكبار والعناد وإظهار التحدي لتلك الضغوط الدولية والعودة لوهم الإدعاء بـحماية "الشرعية الدستورية" واتخاذها كمطلب حق يراد بها باطل، كقميص الخليفة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وإن كانت على جثث الشعب و أنقاض الوطن المنهار والمشرف على حرب أهلية قد لاتبقي ولاتذر، خاصة إذا ما خدع "فخامته" أمراء وملوك مستضيفته السعودية، الذين سمحوا له بتجاوز عرف دبلوماسيتهم القاضية بمنع الظهور الإعلامي من على أراضيهم لأي من ضيوفهم الرؤساء والملوك المستجيرين بمملكتهم أو النازلين ضيوفاً طوالاً عليهم، وسمحت له على مايبدو "بالظهور الأخير" كرئيس يلتقي الوفود ويزور مسؤوليه ويقابل زائريه، واحتال عليهم بذكائه اليمني المعهود، وعاد إلى بلده من جديد بعد أن يتمكن من تمرير سياسية "المناورة" المعروف بإجادتها على أمراء المملكة المضطرة هذه المرة كمايبدو للتجاوب مع رغبة وإصرار وإلحاح أسيادهم الأميركيين والاوربيين بضرورة تعاونهم مع المجتمع الدولي في الضغط على صالح وإقناعه - باعتباره حليفهم الوفي - على القبول بتسليم صلاحياته الرئاسية لنائبه الفريق الركن/عبدربه منصور هادي - وفق مبادرتهم "الخليجية" - التي سبق أن كرر لأكثر من مرة، رفضه التوقيع عليها في اللحظات الأخيرة رغم حرصه ومسؤوليه على الظهور بصورة المرحب بها تارة والداعي إلى ضرورة التعامل الإيجابي معها تارة أخرى، حتى وإن كانت دعوته المفضوحة تلك، تكشف عن ذلك التناقض السياسي الغريب الذي دفع مؤخراً بمسؤولة أمريكية إلى الإستغراب منه والتساؤل عن سبب إصرار صالح على عدم التوقع حتى اليوم على تلك المبادرة التي يحرص دوما على الظهور بصورة الداعي إلى إيجابية التعمل معها والعمل على تجنيب بلاده ويلات الحرب الاهلية التي يسعى بقايا نظامه العائلي إلى بلوغها للإنتقام من الثوار والمعارضين ومعاقبتهم بـطريقة "كسر الرقاب" التي بشرهم بها مؤخراً ابن أخيه أركان حرب قوات الأمن المركزي العميد/ يحيى صالح في المقابلة التي أجرتها معه وكالة رويترز للأنباء .
استبشر الجميع خيراً بالأنباء الأخيرة التي تحدثت عن استسلام الرئيس صالح واستعداده هذه المرة للتعامل بصورة جادة مع الضغوط الداخلية والخليجية والدولية الضاغطة عليه لتوقيع المبادرة الخليجية، وقيامه مؤخراً باستدعاء كبار قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم إلى الرياض لعقد اجتماع في مقر إقامته بدار الضيافة الملكي، لمناقشة مستجدات الضرورة الدولية لنقل السلطة وحثهم على الاستعداد للتعامل الايجابي مع أي وضع سياسي يمني جديد قد يكون من دون وجوده في موقع اللاعب الأبرز كرئيس للبلاد رغم حرصه "المعاكس" يومها على الظهور في الخبر العاجل على شاشة الفضائية اليمنية بصورة من يسعى لإيصال رسالة سياسية مفادها أنه في صحة جيدة وقادر على الحركة وممارسة عمله بشكل طبيعي."
وفقاً لمانقلته صحيفة الحياة اللندنية عن المصادر التي وصفتها بالقريبة من دوائر الرئاسة التي أكدت أن صالح "أبدى استعداداً واضحاً لنقل السلطة إلى نائبه هادي والتعاطي بإيجابية مع المبادرة الخليجية، بل قالت إنه طلب من مساعديه بأن يستعد الحزب الحاكم لكل الاحتمالات، بما فيها تسليم السلطة وخوض انتخابات رئاسية مبكرة،" مما أعاد الحديث مجددا عن المبادرة الخليجية التي سبق لقوى سياسية معارضة أن دفنتها، وإعادة الحديث حولها مجدداً إلى طاولة الحوارالذي لم يحل مشكلة قط حتى اليوم في بلادنا المنهكة بكب الويلات، رغم احتلاله لأكبر حيز من حديث ساسة اليمن.
رغم المخاوف التي تعصف بشعبنا اليمني الحريص حتى اليوم على سلمية ثورته التحررية، وعدم اضطراره إلى الانزلاق لمربع تلك المواجهات المسلحة التي يخشى من نتائجها الأليمة كل أبناء شعبنا وجيراننا، بسبب تباين الوضع القبلي المعقد وانعكاسات الواقع الذي قد يتوازى فيه رجال القبائل مع الدولة في التسليح و امتلاك ترسانات القوى التسليحية المختلفة، إذا ما علمنا أن بالإمكان شراء دبابة بسهولة في اليمن والإحتفاظ بأي قوة يحلم بها رجال المال والباحثون عن سلطة من بين ثنايا القبيلة أو تحالفات السلطة.
وهو ما يؤكد على أن فرص نقل السلطة بسلام وامان كما هي متاحة اليوم للرئيس صالح لن تتكرر أمامه مرة أخرى، وفق ماقاله الأستاذ/ عبدالباري عطوان - رئيس تحرير صحيفة القدس العربي اللندنية - في حوار له مع قناة الحوار مؤخراً، وتأكيده على أهمية استغلال صالح للضمانات والامتيازات التي إتاحتها له المبادرة الخليجية وتناسبها اليوم بصورة أكبر مع مقتضى تطورات المواقف الداخلية والرغبة الدولية والإقليمية وتزامنها مع وضعه الصحي الذي استدعى نقله خارج بلاده للعلاج وليس هرباً كماحصل لبن علي، ناهيك عن أن وضعه الصحي الناتج عن جراء ماتعرض له من محاولة اغتيال قد تزيد من ضمانات عدم محاكمته من قبل شعبه الكريم، على غرار مايجري اليوم مع حسني مبارك، إضافة إلى أن عدم صدور أي مذكرة إيقاف دولية بحقه كماحصل مع القذافي او البشير أو الصربي "سلبدان ميلوزفيتش" وغيرهم من الطغاة، حتى تجعله أكثر إصراراً على التمسك بالسلطة والقفز على كل المطالب الثورية من قبل شعبه والرغبة الدولية بضرورة توقيعه على المبادرة الخليجية ونقل صلاحياته فوراً إلى نائبه هادي الرافض تسلمها حتى اليوم على مايبدو خشية نفوذ العائلة والمصير الأسود الذي قد يؤول اليه في ظل غياب سطوة قبيلته البعيدة جعرافياً عن القصر والسلطة، ووقوعه بالخطأ - كمايرى مراقبون- بين أطراف لاعبين بارزين في خضم جولات لعب انتقامي دموي قادم، يعرف جيداً أن موقعه بينها لن يدوم طويلاُ..
aldaare2000@gmail.com
ماجد الداعري
هل حقاُ سيفعلها صالح هذه المرة ويوقع!! 2130