تذكر كتب التاريخ أن السبحة "المسبحة" كأداة كانت معروفة منذ عصور ما قبل التاريخ، وكانت عبارة عن خرزات وقطع من الزجاج أو العاج أو الأحجار الكريمة المنظومة في سلك، وقد اتخذها الإنسان تعويذة أو للزينة وتخصصت في هذه الصناعة بلدان محددة مثل البندقية التي اشتهرت بالسبح الزجاجية الملونة والصين التي اشتهرت بالسبح المصنوعة من العاج المنقوش، وبعد أن شاع استخدامها عند المسلمين تطورت هذه الصناعة في مصر بشكل خاص وأدخلت إليها خامات كثيرة أخرى.
ولكن لا شك في أن التسبيح سنة بدأت منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، كما حدث القرآن الكريم عن التسبيح في كثير من الآيات ومنها قوله تعالى "سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم".
وهناك ثلاثة أحجام للسبح الأول الثلث "33" حبة وهو الأكثر انتشاراً، والثلثان "66" حبة والسبحة الكاملة "99" حبة بعدد أسماء الله الحسنى.
وقد استطاعت السبحة أن تعبر رحلتها الزمنية عبر الديانات السماوية منذ ما يقارب "3000" سنة من دون أن يمارس في حقها أي نوع من أنواع الإقصاء أو الرفض أو الازدراء كحال بقية الأشياء التي ينكرها بعض المتدينين في المعتقدات المختلفة.
والمعروف لدينا أن المسلمين كانوا في بدايتهم يسبحون بالحصى والنوى والحبل المعقود، وقد استخدموها -التي هي أصلاً لم تكن من ابتكارهم ولم تكن يوماً ذات أصل إسلامي- إذ كان أول ظهور لها في الديانة الوثنية في بلاد جنوبي آسيا نحو "سيريلانكا وتايلاند والهند والنيبال"، والمسبحة لدى اليهود والمسيحيين والمسلمين، فلا يكاد الاختلاف بينها سوى عدد الخرزات وبعض الملامح، حيث تشترك المسبحة بين المسلمين والمسيحيين واليهود في احتوائها على المأذنة والشاهد والفاصل، لكنها تختلف في عدد الحبات التي تتكون منها المسبحة، حيث تتكون عند اليهود من "45" حبة ويتراوح عددها عند المسحيين بين "17-21-33" حبة.
ويقول الباحث والمستشرق الألماني "جولد زيهر" إن المسبحة لم تنتشر في الجزيرة العربية إلا في القرن الثالث الهجري عن طريق مصر، بينما ذكرت الموسوعة الإسلامية أن أول استعمال للمسبحة كان في أوساط الصوفية وبين الطبقات الدنيا للمجتمع وقد ارتفعت أصوات بإنكارها في القرن الخامس عشر الميلادي، إلا أن بعض العلماء أفتى بعدم وجود مانع من استخدامها مادامت تستخدم كوسيلة للتذكير بعدد الذكر المطلوب من الإنسان أداؤه.
ويذكر المؤرخون أن المسلمين اتخذوا من السبحة أداة للتسبيح في العصر الأموي، ومن أشهر السبح كانت سبحة "زبيدة بنت جعفر المنصور" وسبحة "هارون الرشيد"، أما أغلى مسبحة في العالم فيملكها رجل سعودي وهي مصنوعة من الزمرد ويحتفظ رجل كويتي بأندر وأغلى مسبحة في العالم حتى الآن.
يتبقى لك أن تعرف عزيزي القارئ أن المسبحة الآن في هذا الزمن قد تجاوزت الغرض الديني وباتت تستخدم لزينة المنازل، فنراها معلقة على الجدران أو على الطاولات وبأحجام مختلفة.
كروان عبد الهادي الشرجبي
ماذا تعرف عن السبحة؟! 3001