الرجل الوقور الذي يتحمل كل شيء من أجل أسرته، الرجل الصبور المستعد لحمل الجبال من أجل إسعاد أفراد أسرته.
هذا الرجل في رمضان وأثناء صيامه يتحول إلى شخص آخر تماماً، فعندما يعود من عمله عند الثالثة عصراً يدور في أرجاء المنزل، يفتح التلفزيون يتمدد قليلاً وبعد فترة قصيرة ينهض ليتجه إلى المطبخ ويبدأ يتفقد الطبخ وأخباره ويسأل بغضب: لماذا لم يجهز كل شيء حتى هذه الساعة؟!
تجيب الزوجة: بقي على الأذان ساعتان.
يصرخ قائلاً: الشوربة لم تجهز والسمبوسة لم تُقلى، اليوم سوف يحل المغرب والأكل على النار.
تقول له الزوجة: أخرج أنت من المطبخ هذا عملي وأنا أدرى به، هذا إذا كنت تريد الأكل جاهزاً قبل الأذان.
يصرخ الزوج: أصلاً لو كنت تستيقظين باكراً لكنتِ قد أنجزت أغلب الأمور.
لا حول ولا قوة إلا بالله، يا رجل أخرج من المطبخ الوقت يمر بسرعة.
يصرخ: هذا بيتي وأجلس وأذهب حيثما يعجبني.
اللهم طولك يا روح أخرج من المطبخ أنت تعطلني عن العمل.
ويتطور الأمر إلى معركة كلامية، ويفسد كل منهما صومه، وتمر الساعتان ثقيلة على الرجل الوقور، ثم أخيراً يؤذن المغرب ويلتم شمل الأسرة على المائدة ويرتوي العطشان وتشبع البطن الجائعة، وفجأة يعود الرجل إلى حالته الطبيعية، ذاك الرجل الأب الوقور العاقل المتزن، كيف لا وقد امتلأت معدته، فسبحان رب المشرق والمغرب وسبحان الله في طبعك أيها الإنسان.
قبل أيام عرضت إحدى الفضائيات خبراً مصوراً لشباب يفعلون الخير في رمضان، إذ يقوم هؤلاء الشباب بتوزيع وجبة إفطار خفيفة للصائمين الذين تأخروا في الوصول إلى منازلهم، وتمت الإشادة بفعل هؤلاء الشباب.
وفي الحقيقة أنا لا أخالفهم الرأي، لأنهم بالفعل شباب يستحقون الثناء والتشجيع من المجتمع وما وددت أن أوضحه هنا بأنه يوجد في اليمن شباب مثل هؤلاء، خصوصاً في عدن ومنذ العام الفائت رأيت شباباً موزعين في عدة نقاط، يوزعون وجبات إفطار خفيفة للصائمين، فمنظر هؤلاء الشباب بالفعل يُفرح ويجعل المرء يشعر بأنه الدنيا لسه في خير، فتحية لـهؤلاء الشباب، وتحية لكل فاعلي الخير.
كروان عبد الهادي الشرجبي
الدنيا لازالت بخير 2134