;
خير الله خير الله
خير الله خير الله

الأستاذ عبد العزيز 1926

2011-08-28 06:25:22


يفتقد اليمن اليوم شخصية توافقية مثلما يفتقد الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر الذي كان يدرك دائماً أين يجب أن تتوقف الخلافات وأين تكمن المصلحة العليا للبلد.
كان الأستاذ/ عبدالعزيز عبدالغني بالفعل "أستاذاً"، لم أعرفه منذ أكثر من ربع قرن إلا تحت هذا الاسم، أكان رئيساً للوزراء أو عضواً في مجلس الرئاسة أو رئيساً لمجلس الشورى، الذي كان يضم عدداً لا بأس به من أفضل الشخصيات اليمنية، أو بين المقربين من الرئيس علي عبدالله صالح وندمائه.
كان عبدالعزيز عبدالغني دائماً أستاذاً في التواضع واللباقة والفهم العميق للأمور والابتعاد عن أي نوع من الادعاء والتبجح، كان تواضعه تواضع العارف والعالم الذي يتابع كل شاردة وواردة في هذا العالم من دون أن يظهر عليه في أي وقت أنه يعرف أكثر من غيره.
كان عبدالعزيز عبدالغني ذلك السياسي الذي يوظف ما لديه من طاقات ومعرفة وحسن تدبير في خدمة اليمن بعيداً عن أي عُقد، ولذلك كان موضع احترام الكبير والصغير في البلد، كان موضع احترام تجّار تعز وأهلها وكبار المشائخ في صنعاء والمناطق المحيطة بها، بغض النظر عن القبيلة التي ينتمون إليها أو المنطقة التي يأتون منها.
لا شكّ أن خسارة اليمن بعبدالعزيز عبدالغني كبيرة وذلك ليس بسبب علاقاته الواسعة مع كل اليمنيين من أقصى الشمال، إلى أقصى الجنوب، مروراً بالوسط الذي أتى منه إلى السياسة فحسب، بل بسبب قدرته على أن يكون رجل حوار وتفاهم أيضاً، وهذا ما اليمن في حاجة إليه هذه الأيام.
شاءت الأقدار أن يصاب الأستاذ/ عبدالعزيز عبدالغني إصابات بليغة في الاعتداء الذي استهدف الرئيس/ علي عبدالله صالح وكبار مساعديه في الثالث من حزيران/ يونيو الماضي، أدت تلك الإصابات إلى مفارقته الحياة قبل أيام.
ما حصل في ذلك اليوم لم يكن فعل غدر بعيداً كل البعد عن التقاليد اليمنية فقط، ما حصل في ذلك اليوم استهدف تصفية القيادة اليمنية جسدياً والقضاء على أي أمل في التوصل إلى تسوية ما.. تسوية تؤمن انتقالاً هادئاً للسلطة في المستقبل القريب وتحفظ حقوق جميع اليمنيين بغض النظر عن الفئة التي ينتمون إليها، في إطار صيغة جديدة متطورة تعيد اللحمة بين أبناء البلد الواحد.
الأخطر من ذلك، انه كان مطلوباً عبر تفجير مسجد النهدين في "دار الرئاسة" قطع الطريق على أي اتفاق يحافظ على المؤسسات الدستورية التي وجدت أصلاً كي يكون هناك تبادل سلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع، بعيداً عن الاقتتال والعقلية الانقلابية.
كان الأستاذ/ عبدالعزيز ضرورة لليمن، الخسارة لا تعوّض، إنها خسارة لجسر يربط بين اليمنيين، إنه جسر همُ في أشدّ الحاجة إليه في هذه المرحلة العصيبة التي تفرض العودة إلى الحوار اليوم قبل غد، ما يفتقده اليمن في هذه المرحلة هو صمامات أمان تعرف أن الذهاب بعيداً في المواجهة -أي مواجهة- خسارة لجميع اليمنيين وأن البلد لا يمكن أن يبنى عن طريق إلغاء الآخر.
مرة أخرى، لا أحد يلغي أحداً في اليمن، كان عبدالعزيز عبدالغني في طليعة من يعرفون ذلك، عمل دائماً، هو الذي كان يعرف حدوده تماماً، على جعل صوت العقل والمنطق يسود، يأتي رحيله عن هذه الدنيا في وقت يحتاج البلد إلى أصوات تؤمن بالحوار أوّلاً وبالبحث عن صيغة للمستقبل تضمن السلم الأهلي، خصوصاً وتأخذ في الاعتبار تطلعات اليمنيين إلى مستقبل أفضل، بديلاً من الدخول في متاهات الحروب الصغيرة، مثل هذه الحروب لا يمكن إلاّ أن تقضي على اليمن وتعرضه للتشرذم والتفتيت.
عرفت الأستاذ/ عبدالعزيز، وهكذا كنا نسميه، طوال ربع قرن، دخلت بيته ودخل بيتي، لم أسمع منه يوماً كلمة سوء في حقّ أي إنسان بغض النظر عمّا إذا كان هذا الإنسان يتمنى له الخير أم لا، لم يتردد يوماً في خدمة الآخرين بمقدار ما كان يسمح له بذلك موقعه والظروف المعقدة لليمن، لم يؤذ أحداً، لم يتجاوز أحداً ولم يعتد على أحد.
كان من كبار رجالات اليمن الذين ستفتقدهم صنعاء وتعز وكل مدينة يمنية، لقد انضم إلى قافلة من الشخصيات الكبيرة التي سعت إلى المحافظة على البلد ومؤسساته والى العمل على التهدئة، بعيداً عن أي تهوّر من أي نوع كان وبعيداً خصوصاً عن التحديات.
تلك ميزة عبدالعزيز عبدالغني الذي يفتقده اليمن حالياً مثلما يفتقد الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر الذي كان يدرك دائماً أين يجب أن تتوقف الخلافات وأين تكمن المصلحة العليا للبلد.. ومثلما يفتقد الشيخ/ مجاهد أبوشوارب ويحيى المتوكل وكثيرين آخرين من كبار رجالات البلد الذين كانوا يشكلون حواجز في وجه كل أنواع التطرف، كان هؤلاء يؤمنون بأن "الحكمة يمانية" وأن الأمور لا يمكن إلا أن تعالج بالتي هي أحسن.

سيفتقد اليمن الأستاذ عبدالعزيز كلّ يوم، كانت له مكانة خاصة بين اليمنيين، كان يعرف بالسياسة أكثر من كثيرين غيره، قليلون كانوا يدركون ذلك، قليلون كانوا يعرفون أهمية الرجل الذي يخشى أن يكون رحيله نذير شؤم في مرحلة من تاريخ البلد، عزّ فيها الرجال الكبار وبات عددهم لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة...
نقلاً عن ميدل ايست أونلاين

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد