قد يكون من الصعب التكهن بما ستسفر عنه التغييرات الهائلة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط وتحول دون وضوح الرؤية ولو لبضع الوقت فما يجري شبيه بفيلم سينمائي تتابع فصوله، لكن النهاية بكل تأكيد ممتعة ورائعة وسيكون لها انعكاسات تصب في مصلحة الشعوب بلا شك، لكن لم يسأل البعض المكابر نفسه عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذا الوضع الجديد والذي لم يكن متوقعاً وللبتة.. بل لم يخطر ببال أحد في العالم العربي ككل أن الأمور ستؤول إلى هكذا وضع لا يمكن وصفه سوى بالمعجزة لأن القيادات الصنمية كانت تتوهم أنها قادرة على فرض إرادتها التسلطية الاستبدادية والى ما لا نهاية ظننا منها أن الشعوب قد ماتت وشبعت موتاً والصحيح إن الشعوب ظلت صابرة تنظر وتنتظر المستقبل لعل وعسى أن تتبدل الأحوال وتصلح الأمور ويعود البعض إلى رشده فيصلح ما أفسدته الأسر الحاكمة وليس الدهر، لكن لا حياة لمن تنادى بالأمس القريب تابعت وربما البعض منكم قد سمع أو قرأ مثل هذا التقرير الكارثة إن جاز لي التعبير والذي لخص حسب اعتقادي الأسباب الحقيقية لموجة التغيير في المنطقة، خصوصاً والتقرير إياه يقول (إن واحد تريليون دولار من ثروة شعوب المنطقة بددتها الأنظمة العربية القائمة طيلة خمسة عقود خلت، وإن واحد تريليون دولار ذهبت هباءً منثوراً في شراء أسلحة ومعدات عسكرية طيلة الفترة ذاتها، وواحد تريليون دولار فقط ذهبت في التنمية وطيلة الفترة نفسها أيضاً وبالعودة إلى الأرقام السالفة الذكر وبدون تحليل أو تمحيص نقول إن هذه الأرقام هي المرصودة ضمن البيئة الاقتصادية للدول العربية ولا يعني هذا أنه لا توجد أموال أخرى ذهبت في خبر كان خلال الخمسة عقود الماضية، لكن هذا ما تم الكشف عنه وجاء هذا عن مركز دراسات عربي غربي مشترك ولباحث عربي مغربي.
ويؤكد التقرير أيضاً أن نسبة البطالة في أوساط الشباب العربي تجاوزت الـ 40% خلال الفترة نفسها ونسبة الفقر في المجتمعات العربية أيضاً تجاوزت الرقم ذاته 40% لتلك الأسباب وهناك بكل تأكيد أسباب أخرى لا يمكننا إغفالها مثل غياب العدالة الاجتماعية وتفرد قلة من الناس بثروات الشعب واتساع رقعة الظلم والهيمنة والفساد السياسي وغياب الشفافية وكثير من الإشكاليات التي ينبغي التطرق لها، لكن في تناولات قادمة بعون الله لكن الأهم من هذا كله نقول إذا كان هذا هو حال وواقع شعوب المنطقة العربية وطيلة خمسة عقود خلت فما الذي كان منتظرا من هذه الشعوب؟ خصوصا والأوضاع الاقتصادية قد وصلت إلى درجة من السوء، لا يمكن تخيلها إطلاقاً، فهناك دول عربية تجاوزت فيها نسبة البطالة في الثلاث السنوات الأخيرة الـ 50 % وهناك شعوب عربية أخرى تعيش على أقل من دولار واحد في اليوم وهناك شعوب فقد فيها الشباب الأمل في الحصول على درجة وظيفية حتى بعد سنوات من تخرجه من الجامعة وهناك من المجاعات والأوبئة والأمراض في بعض الدول العربية قد تجاوزت الأرقام الطبيعية وكما يتابع الناس بمعنى أكثر دقة هل كانت الأحزاب الحاكمة وقياداتها أو قادة الدول العربية في وطننا العربي ينتظرون أن تهلل لهم الشعوب وتقدسهم وحال الأمة قد وصل إلى الحد من السوء والشقاء والحال الذي لا يطاق؟
هناك تساؤلات عديدة لم نسمع أن تطرق لها البعض من هذا الاتجاه أو ذاك.
وأخيراً هل لنا أن نخاطب العقل بدلاً من دغدغة العواطف وتحريف الحقيقة وتشويه الواقع وإهدار الوقت في ما لا يقدم ولا يؤخر بل يزيد المشهد قتامة وضبابية وربما أطال في أمد الجهل والتخلف وأبقانا أسرى للخرافة والتظليل والزيف والخداع والى ما لا نهاية في وقت أزعم أننا قادرون على تجاوز ذلك وبأقل كلفة وفي زمن قياسي؟ هي بعض التساؤلات المشروعة في زمن الربيع العربي الأروع والأجمل بكل تأكيد والله الموفق!
Abast66@hotmail.com
عبدالباسط الشميري
الربيع العربي كان ضرورة حتمية! 1832