ربما مر العيد على البعض مثلما مر علي ثقيلاً وكئيباً حتى ظننت أن ساعات اليوم الأول منه قد جاوزت الأربع والعشرين ساعة ولم أصدق أن ليله الطويل تبدد وأخيراً مع حلول ساعات الفجر الأولى.
بالتأكيد للعيد طعم آخر داخل الساحات ولأننا خارجها قد حرمنا من تذوق هذه الحلاوة فعيد الثورة أجمل عيد، مشحون بالصبر والحماس ومهما بلغ عمق المعاناة فسيظل الإبداع الثوري متجدداً، فالوطن كله ساحات للحرية ومن لا يرابطون في الساحات ليتحملوا ما يتحمله الثوار فيها هم بالتأكيد يرابطون في بيوتهم، متحملين كل استفزازات الكهرباء حتى في أول أيام العيد لم نسلم منها كذلك انقطاع المياه ونيران الأسعار الملتهبة.
يحيا للأبد هذا الشعب العظيم الثائر فذلك الأحمر القاني ـ الدم الطاهر الذي روى عطش الأرض المنكوبة منذ قرون بفاجعة ـ أن كل من حكمها لم يقدر قيمتها الحقيقة بعد فأرضنا غالية ولأنها كذلك بالأبيض قد دثر الشهيد وتزين لجنته فأزهرت الدنيا بورود الحرية البيضاء ليسقط كل الظلمة والخونة والعملاء وكل من يريد سرق الثورة ووأدها حية ترزق فلتطبع على جبينهم وصمة العار وليبقى العيب الأسود يلاحقهم حتى النهاية. ستشمخ الثورة رغم الانكسار وستطاول هامات الجبال وستمتد بداخلنا كذلك الأزرق الجميل بحرنا الكبير الذي يعطي دون حد أو شرط..
فرحة منقوصة بنصف عيد قتلت هموم البلاد وأوجاع العباد نصفه الأخر ونصف وطن تخلق في رحم ساحات الحرية بانتظار ولادة النصف الآخر ليكتمل لنا الوطن من جديد.. ستمر أيام العيد سريعاً ونعود لوتيرتنا السابقة سنبكي أحيانا ونضحك أحيانا كثيرة لأن شر بليتنا ما يضحكنا.. فالعالم بأكمله يشاركنا نفس الهموم ولكل بلاد نصيبها من الثورات والدماء, فبينما يحلم الفلسطيني بالعودة وبدولة تطوي صفحات الشتات يحتضر أخر في الصومال جوعاً وتتطاير أشلاء ثالث في سوريا وتخرس أصوات تتعالى في البحرين وتتفجر أجساد في العراق ويفجع أحدهم بخراب الحرب في ليبيا ويتخوف آخر على ثورته في مصر ويحاول ثان أن يجدد الأمل في تونس ويمتد الوجع في آخر هنا على أرض الوطن من أن تشنق ثورته وتصلب على فوهات المدافع وصراع المصالح, أترون لكل منا نصيب وللشعوب مقدار تتشاركه جميعها من الألم والمعاناة والفرحة أيضاً رغم كل شيء. هذا (نصف العيد) قضيناه على(نصف وطن) على أمل وانتظار لعيدنا الحقيقي أن يتم حين يكتمل الوطن وتنجح ثورته والى حين ذلك أقول: (عيد وثورة هذه الليلة الناس معيدين لو ترحل عنا الليلة عيدنا بعيدين)..
هامش: نصف وطن..لا يكفي لأحيا عليه إنه يهرب مني كلما هفوت إليه(نفسي أبني موطني بس بكم سعر الحديد؟؟؟)
شيماء صالح باسيد
نصف عيد...نصف وطن 2166