عن خولة بنت ثعلبة قالت: وأنزل الله فيا وفي أوس بن الصامت صدر سورة المجادلة، قالت: كنت عنده وكان شيخاً كبيراً قد ساء خلقه وضجر،: فدخل علي يوماً فراجعته بشيء فغضب فقال: أنت علي كظهر أمي.
قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ، ثم دخل علي، فإذا هو يريدني على نفسي، قالت: فقلت: كلا، والذي نفسي خولة بيده لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت: فواثبني وامتعنت منه فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عني، قالت:
ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابها، ثم خرجت حتى جئت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت منه، أي فجعلت أشكوا إليه ـ صلى الله عليه وسلم.
فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم،: يا خولة ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه، قالت: فو الله ما برحت حتى نزل في القرآن، فتغشى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ، ما كان يتغشاه، ثم سري عنه، فقال لي: يا خولة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك ثم قرأ علي ((قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير)) [المجادلة] إلى قوله تعالى: ((وللكافرين عذاب أليم))، فقال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: مريه فليعتق رقبة، قالت: فقلت والله يا رسول الله ما عنده ما يعتق، قال: فليصم شهرين متتابعين، قالت: فقلت: والله يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال: فليطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر، قالت: قلت: والله يا رسول الله ما ذاك عنده. قالت: فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم فإننا سنعينه بعرق من تمر. قال: فقلت: وأنا يا رسول الله سأعينه بعرق آخر، قال: قد أصبتٍ وأحسنتٍ فاذهبي فتصدقي عنه، ثم استوصي بابن عمك خيراً، قالت: ففعلت.
الخلاصة:
وردت هذه القصة في مطلع سورة المجادلة وهي أول سورة في الجزء الثامن والعشرين من القرآن الكريم وسور هذا الجزء تركز على البعد الداخلي والمشاكل الداخلية للمجتمع الوليد في المدينة خاصة المشاكل الحياتية اليومية العادية.
فقد تدخلت السماء في شأن يومي لأسرة صغيرة فقيرة مغمورة لتقرر حكم الله في قضيتها.
(تفسير ابن كثير)
هذه بعض السمات التي تجعل من خولة ـ رضي الله عنها ـ شاهدة ـ صادقة ـ موثوقة على عصرها ومكانة المرأة في هذا المجتمع الرباني:
* السمة الأولى: قدرتها على إدارة الأزمة.
* السمة الثانية: فقهها لأدب الاختلاف.
* السمة الثالثة: الورع والخوف منه سبحانه وتعالى
* السمة الرابعة: فقهها للمراجعية
* السمة الخامسة: شجاعتها الأدبية وقدرتها على الحوار.
* السمة السادسة: اعتزازها بكرامتها وإنسانيتها.
* السمة السابعة: احترام خصوصية الزوج.
* السمة الثامنة: الثقة في القيادة الواعية
//////////
علي صالح العانتين
قطوف تربوية حول قصة المجادلة شاهدة على عصرها 3108