شهدت مدينة عدن في فترة الاحتلال البريطاني تطوراً تجارياً، خصوصاً بعد إعلانها ميناءً حراً عام 1850م، وبالذات بعد فتح قناة السويس عام 1868م، وازدهرت شهرتها التجارية بسبب تحويل البواخر الذاهبة إلى الشرق والغرب عن طريق رأس الرجاء الصالح إليها، وانتعشت الحياة التجارية والاقتصادية فيها وعم الرخاء، فسميت بعروسة البحر الأحمر "في تلك الفترة" وكانت مركز ومحط أنظار العالم لما يحتله ميناؤها من أهمية تجارية عالمية.
وحال عدن كحال أي دولة كانت راضخة تحت الحكم الاستعماري البريطاني، رفضت العيش تحت وطأة هذا الحكم وكان لها الاستقلال.
وبعد خروج الاستعمار أصاب عدن ركود اقتصادي، وشلت الحركة التجارية والاقتصادية بسبب السياسة التي انتهجت من قبل الحكومة في بداية عهدها وبالذات حين جاء قانون التأميم الذي أدى إلى نفور أصحاب الرأسمال إلى الخارج، هذا الأمر أفقد اليمن "عدن" أهميتها وسمعتها التجارية إلى أن جاءت الوحدة واتخذ القرار بإعلان عدن عاصمة اقتصادية وتجارية وتحويلها إلى منطقة حُرة.
إلى هنا كل شيء تمام وعال العال، وفي الحقيقية فرحنا كثيراً وهللنا على اعتبار أن هذا الأمر سيزيل الجمود والركود التي عانت منه عدن لفترة طويلة وتأملنا أن تخرج عدن لحيز الوجود بعد عمل طويل من الخمول والكسل.
وفرحنا أكثر عندما صدر القانون رقم "4" للمناطق الحرة في عام 93، ويا فرحة ما تمت من 93م حتى الآن والمنطقة الحرة في علم الغيب "18" عاماً مرت منذ أن أعلنوا عدن منطقة حرة، لا أعلم لماذا كل هذا التأخير، فيكفي أن أقول وأذكركم أن عدن من عام 1950م إحدى أوائل الموانئ في العالم لتموين السفن بالوقود بين أوروبا والمراكز التجارية والسياحية في الشرق الأقصى، الهند وشرق أفريقيا واستراليا، لأنه أقرب ميناء من موقع إنتاج النفط في الخليج العربي، من أي ميناء آخر.
وأعتقد أن مزايا ميناء عدن لازالت موجودة كما هي، وموقع الميناء لم يتغير، فالاستعمار البريطاني لم يعمل شيئاً سوى أنه شغل الميناء بشكل صحيح واستفاد كثيراً من ذلك.
أما نحن، فلم نستطع أن نستفيد من هذا الموقع العالمي، بل إننا أهملناه ولنقل أعطيناه لدولة تسعى وتبذل قصارى جهدها من أحل تعطيله، لأنه يتعارض مع مصالحها.
أعلم بأنني قد أطلت عليكم وأوجعت رؤوسكم أعزائي القراء، ولكن ما باليد حيلة، لم أجد سواكم أشكو بثي وهمي إليهم.
عموماً، صبرنا كثيراً ما بقى إلا القليل وعندما تنفرج الأزمة وتتحسن أحوال البلد، سيتغير كل شيء وستصحح الأخطاء وسنرى عدن مدينة مزدهرة وستظهر المنطقة الحرة إلى الوجود وسترى النور إن شاء الله.