;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

مكانة العلماء في الشريعة لإسلامية 2489

2011-09-11 02:25:14

 

يتبوأ العلماء ـ العالمون بالحق، والعاملون به، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، القائمون على حدود الله ـ منزلة عالية في الشريعة الإسلامية، فهم بمنـزلة الرأس من الجسد، والقلب من البدن، والفؤاد من الإنسان، فقد أشهدهم الله على توحيده بقوله تعالى: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (18) سورة آل عمران، فبدأ بنفسه سبحانه، ثم ثنى بملائكته المسبحة بقدسه، ثم ثلث بأوليائه العلماء ولو كان هناك أفضل منهم لذكره.
قال الشوكاني: وفي ذلك فضيلة لأهل العلم جليلة، ومنقبة نبيلة؛ لقرنـهم باسمه واسم ملائكته، والمراد بأولي العلم هنا علماء الكتاب والسنة، وما يتوصل به إلى معرفتهما.
وقال القرطبي: في هذا الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء وفضلهم فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه وسم ملائكته كما قرن اسم العلماء وقال في شرف العلم لنبيه صلى الله عليه وسلم {وقل رب زدني علما} فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأل المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم، والعلماء أمناء الله على خلقه وهذا شرف للعلماء عظيم ومحل لهم في الدين خطير.
ورفع الله منزلتهم بقوله سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (11) سورة المجادلة، وخصهم بخشيتهم لله تعالى، فقال الله عز وجل: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} (28) سورة فاطر، وحكم بتفضيلهم قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (9) سورة الزمر.
وأكد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكانة العلماء ومنزلتهم وفضلهم، فجعلهم ورثة الأنبياء، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
وأوضح النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضلهم، فقد ذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلان؛ أحدهما عابد، والآخر عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير" رواه الترمذي.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه

وجعلهم صلى الله عليه وآله وسلم أئمة الناس، فقال: "يؤم القوم أقرؤهم" رواه مسلم.
وجعل إجلالهم من إجلال الله تعالى، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه (الغالي فيه المجاوز حده) والجافي عنه (أصل الجفاء: ترك الصلة والبر، وجفاه: أبعده وأقصاه) وإكرام ذي السلطان المقسط" رواه أبو داود.
إن العلماء هم أحق الناس بالولاية والقرب من الإمام فقد كان القراء أصحاب مشورة عمر كهولا كانوا أو شبانا. رواه البخاري من هنا ندرك أن عدل عمر رضي الله عنه كان مبنيا على العلم. فإن الرشد يبنى على اجتماع العلم والإمارة.
وكان الصحابة رضي الله عنهم يردون الناس إلى أهل العلم، عن قيس بن أبي حازم قال: جاء رجل إلى معاوية؛ فسأله عن مسألة، فقال: سل عنها عليا. قال: ولقد شهدت عمر أشكل عليه شيء؛ فقال: ها هنا علي (ابن حجر، فتح الباري، ج13، ص343) عن شريح بن هانئ قال: أتيت عائشة رضي الله عنه أسألها عن المسح على الخفين، فقالت عليك بابن أبي طالب فسله، فإنه كان يسافر مع رسول الله r، فسألناه، فقال: "جعل رسول الله r ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم". رواه مسلم وفي بعض طرقه: سألت عائشة عن المسح على الخفين، فقالت: ائت عليا؛ فإنه أعلم بذلك مني.
وأكد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرمة العالم وحقه بقوله عليه الصلاة والسلام: "ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا! ويعرف لعالمنا حقه" رواه أحمد والحاكم.
وما ورد في فضل العلماء في الشريعة كثير جدا وإنما الغرض الإشارة؛ لنبين أهمية الأخذ عنهم في لفظهم ولحظهم، والاستفادة منهم في قولهم وفعلهم، وبخاصة في شأن التعليم، وأمر التدريس، وما يختص بالتربية فهم أصحاب الباع الوسيع واليد الطولى في ذلك.
وقد نقل الإمام النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رحمهما قولهما: إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبد الملك المقرمي

2024-05-05 23:08:01

معاداة للإنسانية !

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد