تعود النظام طوال مسيرته الحافلة بالفساد أن يستلب البشر حقوقهم والوطن سيادته و استقلاله وتطبع بعقلية الفيد ومصادرة الانتصارات وتجييرها في الاتجاه الذي يخدم مصالحه, ووجد في قوى انتهازية ما يمنحه هذه الرغبة الطائشة ويزيد عليها، ليبقى سيداً مسوداً على كل شيء.
نجد هذا بشكل صارخ في مصادرة التاريخ في تحقيق الوحدة وأنه لولاه لكان الوطن مشضى والانفصال قائماً، وتحول الحزب الاشتراكي من شريك أساسي وقوي انتمى للوطن وضحى من أجل الوحدة ـ واقعاـ تحول إلى حزب مقصي, خطر على الوحدة, مهيمنا عليه، والى حزب اتهم بالتآمر والخيانة والعمالة، كل ذلك من أجل تفرد النظام بالكرسي ودحر القوى الحية والفاعلة لإحداث خلل عميق في التجربة الديمقراطية, وجعل نتائجها مرهونة برغباته وتتحول من مكسب متحقق في" 22" مايو "90"الى ديكور بعد حرب صيف 1994م ..
وهكذا جرى مصادرة أهم منجز تحقق للوطن وثورته ووحدته، كل ذلك بدعم قوى انتهازية رأت في إقصاء الشريك الوحدوي مرتعاً لفسادها ووجودها وتواجدها، وجرى تآمر حقيقي من قبلها في عرقلة التنمية والاستثمارات بمباركة النظام الذي رغب أن يكون هو الكل في واحد، فلولاه لا تنمية ولا تقدم ولا حياة ولا وحدة ولا انتصارات, هي في الأساس وهمية، بالنظر إلى مقدرات وطن ومكاسب وحدة عظيمة من حيث: أن الوطن اليمني يملك من الثروات الطبيعية والبشرية ما يجعله الرائد في المنطقة.
ثروات زراعية، وسمكية، ومعادن، وغاز، وبترول، وسياحية وموقع جغرافي وميناء...الخ, كل ذلك جرى العبث به، وارتهن لمصالح فئة محددة على حساب وطن وشعب..وبعد إذ يحدثنا من على إعلامه الضال والمظل أن الوطن ينعم بالرفاه والخير بفعل صاحب الطلعة البهية ومخلصيه.
وفي هذا السياق التآمري المتعدد الأوجه جرى التآمر على شريكه في مواجهة انفصال (البيض) فما أن تحقق النصر إلا ورأينا الزعيم وقد انتفخت أوداجه ليجازي قوى الوحدة والنصر جزاء(سنمار) ويحمل عليهم بلا هوادة بتهم التكفير والإرهاب والتخلف والتطرف..الخ التقولات التي تؤكد أن هذا النظام لم يكن في حياته مخلصاً مرة واحدة لا لوطن ولا لشعب قدر إخلاصه لنفسه، ويدرك هذا النظام جيداً أن ترسيخ الوحدة كان لها رجالها وأهلها وفي المقدمة تماماً الإخوة في الحزب الاشتراكي في المحافظات الجنوبية, الذين لم يقتنعوا بإعلان الانفصال وكانت لهم طرقهم في هزيمة القوى الداعية له.
ومع ذلك جرى على إثر النصر الذي صنعه رجال حقيقيون وليس النظام, الذي كاد أن يقترب من حافة إعلان القبول بالانفصال لولا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. نقول: جرى ممارسة إقصاء وإلغاء وفيد في الجنوب وجرى فرض القهر على نصف وطن بغرور وغطرسة تحت دعاوى الديمقراطية, وبرزت على إثر هذه الممارسات القضية الجنوبية والمطالب المشروعة التي صم إذنيه غروراً وتعالي عنها.
وعلى إثر هذه التداعيات حدثت خروقات أمنية وأزمات متتالية من قوى تطرف وإرهاب تم تسويقها بطريقة استخباراتية, بهدف النيل من القوى الإسلامية المعتدلة وفي المقدمة (التجمع اليمني للإصلاح) الذي تعرض لأخطر مؤامرة تنال من الوطن قبل أن تنال منه بدعوى أن الإرهاب نتاجه ويتزعمه وكان الهدف ابتزاز هذه القوى وجعلها مرتهنة له, يمارس فساده طولاً وعرضاً وكل من ينتقد أو يقف في وجه غطرسته صار ظلامياً, إرهابياً, خائناً, إلى آخر التهم التي كانت جاهزة, تنطلق من الشعبي العام, بطريقة تخلو من المسؤولية، وتكشف عن نظام أزمات بامتياز، أكان من خلال الدفع إلى وجود حراك في الجنوب، أو إرهاب في أبين ومحافظات أخرى، أو قضية صعدة، وجميعها كانت نتاج نظام تأزيمي له منهجه المحكم في هذا الجانب والذي تحول من ملهاة على شعب، إلى استغلال قوى دولية تكافح الإرهاب.
لذلك كانت قضية صعدة تلويح للسعودية بخطر قابل أن يصلها لولا النظام ووجوب وقوفها معه، وقضية القاعدة تحولت إلى ابتزاز للغرب لمزيد من المساعدات المستولى عليها والتي تحولت من مساعدات لمكافحة الإرهاب، إلى سلاح يوجه للشعب ولمن ينادون بالحرية.. ولم يحدث أن قوات مكافحة الإرهاب اشتركت في مواجهة واحدة ضد الإرهاب، رغم مساعدات الغرب الكبيرة في هذا الجانب، بل على العكس جرى قمع الثورة السلمية وقتل الأبرياء في الساحات وتحولت كل المساعدات لنظام القمع والإرهاب، بما يعني أن ثمة مسؤولية أخلاقية يتحملها ا(لغرب وأميركا) بما قدموه من مساعدات نالت من الشعب وقمعت الحريات وصادرت الحقوق وقهرت أحلام وطموح جماهير.. ولعل التصدي الباسل للقوى الإرهابية في محافظة أبين (زنجبار) من قبل قوات الثورة وقواها التي آزرت ووقفت إلى جانب اللواء (25ميكا)، أبرز دليل على إدانة النظام الذي سلّم (أبين) لقوى التطرف ودفع باتجاه خلق (قاعدة) جرى التخطيط لها دونما مسؤولية, خاصة وأن الوقائع على الأرض تؤكد بدقة أن هزيمة (القاعدة) في (أبين) كانت بفعل قوى الثورة ضد (القاعدة) ومن أنتجها وهو النظام بهدف جر الوطن إلى معارك تنال من طموحاته واستمرار الفساد والنأي بنفسه من مواجهة استحقاقات أخواننا في المحافظات الجنوبية وبهدف خلق الفوضى لمزيد من القمع تحت هذه الظاهرةـ للقوى الوطنية الإيمانية ومن أجل ابتزاز دول المنطقة والدول (الأورو أميريكية) أما أموال تتدفق، أو إرهاب ينتشر.
وهكذا جرى التلاعب بوطن ومجتمع دولي بمزيد من صناعة الأزمات، حتى إذا ما تم النصر الكبير على القاعدة في (أبين) رأينا ذات النظام يعمل على سرقة النصر لصالحه وهو أبو المصائب كلها, يحدثك عن البسالة وهو من حاول خنقها وعن البطولة وهو من أساء إليها، ويثمن عالياً المساعدات السعودية في فك الحصار على قوى البطولة وينسى ويتناسى واجباته التي تقاعس عنها يوم كان النداء عالياً من اللواء (25ميكا) بمساعدته في فك الحصار عنه، وحينها كان النظام يلهو ويتفرج على حساب مشردين، وأرواح أبرياء، وشهداء، ثم بعدئذ ـ وقد انتصرت قوى الثورة بوقفتها ومؤازرتها وتضحياتها للقضاء على الارهاب ـ نراه يهنئ نفسه وكل يهني الآخر، على النصر الذي لا ناقة له ولا جمل فيه, بل كان قوى متخندقة ضد وطن، ونراه كعادته يريد سرقة نصر القوى الوطنية الثورية الوحدوية كما فعل بالنسبة للاشتراكي، حين سرق نصر الوحدة، وكما فعل للإصلاح والقوى الوطنية الوحدوية في المحافظات الجنوبية, التي رفضت الانفصال.
هذا هو النظام .. منتج أزمات, سارق انتصارات, قامع حريات, مستلب إرادة وطن, ويحدثك وأبواقه عن منجزات قهرته, لكونها تحققت خارج إرادته وليس له إلا أن يجيرها لصالحه ويحدثك أبواقه أيضاً عن وطن نماء وازدهار ونحن لا نجد في طول اليمن وعرضه شارعاً واحداً إلا وهو مرقع وغير صالح لعبور بني آدم ما بالك بمركبات.. إنه نظام من نكد وتعب وفوضى وإدارة بلاد بأزمات.
محمد اللوزي
من أجل الكرسي الكل خائن وعميل..! 1950