تلقيت اتصالات عدة من قراء وكذا مستثمرين وكانت كلها تدور حول موضوع واحد وهو عنوان المقال الخاص بـ" من يحمي قانون المنطقة الحرة"، إذ أن العنوان لا يتناسب مع الموضوع الذي كان عن الميناء وليس المنطقة الحرة، والحقيقة أن الكل منزعج من مسألة عدم حركة الميناء وتشغيلها بالشكل الصحيح، بما يتناسب مع مميزاته الاستراتيجية الهامة.
وكان أحد المستثمرين قد أبدى انزعاجه الكامل من هذا الأمر وقرر كتابة ذلك في رسالة طلب مني أن أنشرها في عمودي حتى يعرف الناس أهمية الميناء وكيف كان يعمل وماذا أصبح الآن.. وقد بدأها بالآتي: "إن موقع عدن المتميز وإشرافه على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر إلى جانب امتلاكها لجزيرة يريم المتحكمة بالممر المائي أعطى لعدن إستراتيجية ومكانة هامة، جذبت اهتمام العالم الخارجي والتنافس بين الدول، والذي لا يعرفه المواطن البسيط أن عدن محاطة بسلسلة من التلال المرتفعة التي ساعدتها على أن تكون حصناً وحاجزاً طبيعياً من الأمواج والرياح والتقلبات المناخية المؤثرة على مياه البحر، حيث كونت شبه جزيرة عدن في الشرق "عدن الكبرى" مع جزيرة عدن الصغرى من الغرب ميناء واسعاً وعميقاً، محمياً من كافة الجهات من الرياح التي تهب على المنطقة في جميع فصول السنة ومن أمواج البحر الهائجة، وكانت تدخل عبر الميناء نحو ستة آلاف باخرة إلى عدن كل عام ويستقبل أي باخرة بمقدورها أن تبحر في قناة السويس –بحسب تصريحات إيريك وود آخر رؤساء أمانة ميناء عدن آنذاك.
وأضاف (إيريك) أن عامل الوقت كان يشكل أهمية كبرى وعاملاً مهماً للبواخر من المناطق القريبة لقناة السويس، إذ تعبر أقرب خط مباشر إلى قناة السويس وأكد أيضاً على أن لمدينة عدن ميناء طبيعياً، فكمية الطمر فيها قليلة وعليه فإن ميناء عدن يمتلك من القدرات والإمكانيات ما لا يملكه أي ميناء آخر في الجزيرة العربية وإن ازدهاره سوف يقضي ويشل حركة بقية الموانئ، فهو يمثل مركزاً تجارياً ممتازاً وصالحاً لاستقبال البواخر وتموينها في أي وقت وأي فصل من فصول السنة.
ومع ذلك وعلى الرغم من علم الدولة بكل ذلك إلا أنها لم تقدر هذا الموقع المتميز الذي سعت وتنافست أقوى وأعظم الدول من أجل السيطرة عليه وتنازلت عنه بكل سهولة لمن لا يقدر قيمته الحقيقية والدليل على ذلك هو الشلل التام الذي أصاب الميناء، فلم يعمل بالصورة المطلوبة ولم يشغل حتى لا يكون منافساً قوياً للموانئ الأخرى.
وما يؤكد صحة ما أقول هو قيام إدارة الميناء بالتخلي عن الكوادر اليمنية المتخصصة والنزيهة وكذلك عدم إيفائها بالتزامات التوسعة المستقبلية، كل ذلك يؤكد بأن هناك من يعمل على تعطيل وعرقلة إنشاء المنطقة الحرة في عدن، على فكرة أريد أن أوضح لكم مسألة مهمة جداً، تتعلق بالمنطقة الحرة، فأي منطقة حرة في العالم لابد وأن يكون الميناء هو الركيزة الأساسية في عملها حتى تستطيع أن تؤدي المنطقة الحرة عملها على أكمل وجه، ونحن في اليمن ارتكبت الحكومة خطأً فادحاً، حيث قامت الدولة بفصل الميناء عن المنطقة الحرة وجعلت تبعيته لوزارة النقل وهذا الأمر من وجهة نظري كمستثمر خطأ، لأنه عرقل كثيراً من عملية الإسراع لإنجاز المنطقة الحرة، علماً بأن الهيئة تعمل بوتيرة عالية في ظل الظروف والأوضاع السيئة وتقدم لنا الخدمات وعلى الرغم من محاولة إجهاضها إلا أنها تحاول التصدي لكل ذلك.
عموماً أعتقد أن الأوان قد حان من أجل تصحيح الخطأ الفادح الذي ارتكبته الحكومة وأرجو أن يكون إعادة "ميناء عدن للحاويات" للمنطقة الحرة هدفاً من أهداف الثورة حتى تستعيد اليمن مجدها ومكانتها التاريخية".
هكذا أنهى المستثمر رسالته التوضيحية وأشكره جزيل الشكر على ذلك، وبقي أن أوضح أنا أمر مهم هو أن المنطقة الحرة بالفعل تعمل في ظروف سيئة جداً وتحاول تحقيق النجاحات على الرغم من العراقيل التي تواجهها وكان الحادث الإرهابي واحداً من هذه العراقيل ومن رأى المكتب أثناء الحادث ويراه الآن سيعرف مدى إصرار العاملين على المضي قدماً، من أجل المنطقة الحرة ولا ننسى الإشارة إلى مدى تفاعل المستثمرين مع إدارة المنطقة الحرة للنهوض بها من جديد "بعد الحادث الإجرامي".
وأخيــراً.. أنا أيضاً أرجو أن يكون إعادة الميناء وضمه للمنطقة الحرة هدفاً من أهداف الثورة، فالميناء هو مال عام وملك لنا نحن الشعب اليمني وقد تم التفريط به وبيعه لمن لا يستحقه، فيجب تصحيح الأخطاء التي ارتكبت بحق الشعب اليمني، فلا يصح إلا الصحيح.
كروان عبد الهادي الشرجبي
منطقة حرة بدون ميناء!! 2422